وثامنها : الحكم على الشخص المعين بكونه مؤمناً مظنون ثم نبني على هذا الظن أحكاماً كثيرة مثل حصول التوارث ومثل الدفن في مقابر المسلمين وغيرهما.
وتاسعها : جميع الأعمال المعتبرة في الدنيا من الأسفار، وطلب الأرباح والمعاملات إلى الآجال المخصوصة والاعتماد على صداقة الأصدقاء وعداوة الأعداء كلها مظنونة وبناء الأمر على تلك الظنون جائز.
وعاشرها : قال عليه السلام :" نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر " وذلك تصريح بأن الظن معتبر في هذه الأنواع العشرة فبطل قول من يقول : إنه لا يجوز بناء الأمر على الظن.
والجواب الثاني : أن الظن قد يسمى بالعلم.
والدليل عليه قوله تعالى :﴿إِذَا جَاءكُمُ المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أَعْلَمُ بإيمانهن فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مؤمنات فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار﴾ [ الممتحنة : ١٠ ] ومن المعلوم أنه إنما يمكن العلم بإيمانهن بناء على إقرارهن، وذلك لا يفيد إلا الظن، فههنا الله تعالى سمى الظن علماً.
والجواب الثالث : أن الدليل القاطع لما دل على وجوب العمل بالقياس، وكان ذلك الدليل دليلاً على أنه متى حصل ظن أن حكم الله في هذه السورة يساوي حكمه في محل النص، فأنتم مكلفون بالعمل على وفق ذلك الظن، فههنا الظن وقع في طريق الحكم، فأما ذلك الحكم فهو معلوم متيقن.
أجاب نفاة القياس عن السؤال الأول فقالوا : قوله تعالى :﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ عام دخله التخصيص في الصور العشرة المذكورة، فيبقى هذا العموم فيما وراء هذه الصور حجة، ثم نقول : الفرق بين هذه الصور العشر وبين محل النزاع أن هذه الصور العشر مشتركة في أن تلك الأحكام أحكام مختصة بأشخاص معينين في أوقات معينة، فإن الواقعة التي يرجع فيها الإنسان المعين إلى المعنى المعين واقعة متعلقة بذلك الشخص المعين، وكذلك القول في الشهادة وفي طلب القبلة وفي سائر الصور.


الصفحة التالية
Icon