وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ وإذا قرأت القرآن جلعنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً ﴾
فيه وجهان :
أحدهما : أي جعلنا القرآن حجاباً ليسترك عنهم إذا قرأته.
الثاني : جعلنا القرآن حجاباً يسترهم عن سماعه إذا جهرت به. فعلى هذا فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنهم لإعراضهم عن قراءتك كمن بينك وبينهم حجاباً في عدم رؤيتك. قاله الحسن.
والثاني : أن الحجاب المستور أن طبع الله على قلوبهم حتى لا يفقهوه، قاله قتادة.
الثالث : أنها نزلت في قوم كانوا يؤذونه في الليل إذا قرأ، فحال الله بينه وبينهم من الأذى، قاله الزجاج.
﴿ مستوراً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن الحجاب مستور عنكم لا ترونه.
الثاني : أن الحجاب ساتر عنكم ما وراءه، ويكون مستور بمعنى ساتر، وقيل إنها نزلت في بني عبد الدار.
قوله عز وجل :﴿ نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى ﴾
في هذه النجوى قولان :
أحدهما : أنه ما تشاوروا عليه في أمر النبي ﷺ في دار الندوة.
الثاني : أن هذا في جماعة من قريش منهم الوليد بن المغيرة كانوا يتناجون بما ينفّرون به الناس عن اتباعه صلى الله عليه وسلم. قال قتادة : وكانت نجواهم أنه مجنون، وأنه ساحر، وأنه يأتي بأساطير الأولين.
﴿ إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجُلاً مسحوراً ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه سحر فاختلط عليه أمره، يقولون ذلك تنفيراً عنه.
الثاني : أن معنى مسحور مخدوع، قاله مجاهد.
الثالث : معناه أن له سحراً، أي رئة، يأكل ويشرب فهو مثلكم وليس بملك، قاله أبو عبيدة، ومنه قول لبيد :
فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا... عَصَافِيرُ مِنْ هذَا الأَنَامِ الْمُسَحَّرِ
قوله عز وجل :﴿ وقالوا أئِذا كُنّا عظاماً ورفاتاً ﴾
فيه تأويلان :
أحدهما : أن الرفات التراب، قاله الكلبي والفراء.
الثاني : أنه ما أرفت من العظام مثل الفتات، قاله أبو عبيدة، قال الراجز :
صُمَّ الصَّفَا رَفَتَ عَنْهَا أَصْلُهُ... أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon