وقال ابن عطية :
﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (٤٥) ﴾
هذه الآية تحتمل معنيين : أحدهما أن الله تعالى أخبر نبيه أنه يحميه من الكفرة أهل مكة الذي كانوا يؤذونه في وقت قراءته القرآن وصلاته في المسجد ويريدون مد اليد إليه، وأحوالهم في هذا المعنى مشهورة مروية، والمعنى الآخر أنه أعلمه أنه يجعل بين الكفرة وبين فهم ما يقرأه محمد عليه السلام حجاباً، فالآية على هذا التأويل في معنى التي بعدها، وعلى التأويل الأول هما آيتان لمعنيين، وقوله ﴿ مستوراً ﴾ أظهر ما فيه أن يكون نعتاً للحجاب، أي مستوراً عن أعين الخلق لا يدركه أحد برؤية كسائر الحجب، وإنما هو من قدرة الله وكفايته وإضلاله بحسب التأويلين المذكورين، وقيل التقدير مستوراً به على حذف العائد وقال الأخفش ﴿ مستوراً ﴾ بمعنى ساتر كمشؤوم وميمون فإنهما بمعنى شائم ويامن.


الصفحة التالية
Icon