ضرب المثل له هو قولهم مسحور، ساحر، مجنون، متكهن، لأنه لم يكن عندهم متيقناً بأحد هذه، فإنما كانت منهم على جهة التشبيه، ثم رأى الوليد بن المغيرة أن أقرب هذه الأمور على تخيل الطارين عليهم هو أنه ساحر، ثم حكم الله عليهم بالضلال، وقوله ﴿ فلا يستطيعون سبيلاً ﴾ يحتمل معنيين : أحدهما لا يستطيعون سبيلاً إلى الهدى والنظر المؤدي إلى الإيمان، فتجري الآية مجرى قوله ﴿ وجعلنا على قلوبهم أكنة ﴾ [ الإسراء : ٤٦ ] [ الأنعام : ٢٥ ] ونحو هذا، والآخر : لا يستطيعون سبيلاً إلى فساد أمرك وإطفاء نور الله فيك بضربهم الأمثال لك واتباعهم كل حيلة في جهتك، وحكى الطبري أن هذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة وأصحابه، وقوله ﴿ إذا كنا عظاماً ﴾ الآية، هذه الآية في إنكارهم البعث، وهذا منهم تعجب وإنكار واستبعاد، و" الرفات " من الأشياء : ما مر عليه الزمن حتى بلغ به غاية البلى، وقربه من حالة التراب، يقال : رفت رفتاً فهو مرفوت، وفعال : بناء لهذا المعنى، كالحطام، والفتات، والرصاص، والرضاض، والدقاق، ونحوه، وقال ابن عباس :﴿ رفاتاً ﴾ غباراً، وقال مجاهد : تراباً، واختلف القراء في هذين الاستفهامين : فقرأ ابن كثير وأبو عمرو " أيذا كنا تراباً أينا " جميعاً بالاستفهام، غير أن أبا عمرو يمد الهمزة، ثم يأتي بالياء ساكنة، وابن كثير يأتي بياء ساكنة بعد الهمزة من غير مدة، وقرأ نافع الأولى مثل أبي عمرو، واختلف عنه في المد، وقرأ الثانية " إنا " مكسورة على الخبر، ووافقه الكسائي في اكتفائه بالاستفهام الأول من الثاني، غير أنه كان يهمز همزتين، وقرأ عاصم وحمزة :" أإذا أإنا " بهمزتين فيهما، وقرأ ابن عامر " إذا كنا "، مكسورة الألف من غير استفهام " ءإنا " يهمز، ثم يمد، ثم يهمز. ويروى عنه مثل قراءة حمزة، وفي سورة الرعد توجيه هذه القراءات، و﴿ جديداً ﴾ صفة لما قرب حدوثة من الأشياء، وهكذا يوصف به
المذكر والمؤنث، فيقال ملحفة جديد وقولهم جديدة، لغة ضعيفة، كذا قال سيبويه. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon