قوله تعالى :﴿ نحن أعلم بما يستمعون به ﴾ قال المفسرون : أمر رسول الله ﷺ علياً عليه السلام أن يتخذ طعاماً ويدعو إِليه أشراف قريش من المشركين، ففعل ذلك، ودخل عليهم رسول الله ﷺ فقرأ عليهم القرآن، ودعاهم إِلى التوحيد، وكانوا يستمعون ويقولون فيما بينهم : هو ساحر، هو مسحور، فنزلت هذه الآية :﴿ نحن أعلم بما يستمعون به ﴾، أي : يستمعونه، والباء زائدة.
﴿ إِذ يستمعون إِليك وإِذ هم نجوى ﴾ قال أبو عبيدة : هي مصدر مِنْ "ناجَيْتُ" واسم منها، فوصف القوم بها، والعرب تفعل ذلك، كقولهم : إِنما هو عذاب، وأنتم غَمٌّ، فجاءت في موضع "متناجين".
وقال الزجاج : والمعنى : وإِذ هم ذوو نجوى، وكانوا يستمعون من رسول الله ﷺ، ويقولون بينهم : هو ساحر، وهو مسحور، وما أشبه ذلك من القول.
قوله تعالى :﴿ إِذ يقول الظالمون ﴾ يعني : أولئك المشركون ﴿ إِن تتَّبعون ﴾ أي : ما تتَّبعون ﴿ إِلا رجلاً مسحوراً ﴾ وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه الذي سُحر فذُهب بعقله، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني : مخدوعاً مغروراً، قاله مجاهد.
والثالث : له سَحْر، أي : رئة ؛ وكلُّ دابَّة أو طائر أو بَشَر يأكل فهو : مسحور ومسحَّر، لأن له سَحْراً، قال لبيد :
فانْ تَسْأَلِينا فِيمَ نَحْنُ فانَّنا...
عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الأنامِ المَسَحَّر
وقال امرؤ القيس :
أُرانا مُرْصَدِيْن لأَمْرِ غَيْبٍ...
ونُسْحَرُ بالطَّعامِ وبالشَّرَابِ
أي : نُغذَّى، لأن أهل السماء لا يأكلون، فأراد أن يكون مَلَكاً.
فعلى هذا يكون المعنى : إِن تتبعون إِلا رجلاً له سَحْر، خلقه الله كخلقكم، وليس بملَكٍ، وهذا قول أبي عبيدة.