﴿ يوم ﴾ : بدل من قوله ﴿ قريباً ﴾ [ الإسراء : ٥١ ]، ويظهر أن يكون المعنى : هو يوم، جواباً لقولهم :﴿ متى هو ﴾ [ ذاته ] ويريد : يدعوكم من قبوركم بالنفخ في الصور، لقيام الساعة، وقوله ﴿ فتستجيبون ﴾ أي بالقيام والعودة والنهوض نحو الدعوة، وقوله :﴿ بحمده ﴾، حكى الطبري عن ابن عباس أنه قال معناه : بأمره، وكذلك قال ابن جريج، وقال قتادة معناه : بطاعته ومعرفته، وهذا كله تفسير لا يعطيه اللفظ ولا شك أن جيمع ذلك بأمر الله تعالى وإنما معنى ﴿ بحمده ﴾ : إما أن جميع العالمين، كما قال ابن جبير، يقومون وهم يحمدون الله ويحمدونه لما يظهر لهم من قدرته، وإما أن قوله ﴿ بحمده ﴾ هو كما تقول لرجل خصمته وحاورته في علم قد أخطأت بحمد الله، فكان النبي ﷺ يقول لهم في هذه الآيات : عسى، أن الساعة قريبة، يوم يدعون فيقومون بخلاف ما تعتقدون الآن، وذلك بحمد الله على صدق خبري، نحا هذا المنحى الطبري ولم يخلصه، وقوله تعالى ﴿ وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً ﴾ يحتمل معنيين : أحدهما أنه أخبر أنهم لما رجعوا إلى حالة الحياة، وتصرف الأجساد، وقع لهم ظن أنهم لم ينفصلوا عن حال الدنيا إلا قليلاً لمغيب علم مقدار الزمن عنهم، إذ من في الآخرة لا يقدر زمن الدنيا، إذ هم لا محالة أشد مفارقة لها من النائمين، وعلى هذا التأويل عول الطبري، واحتج بقوله تعالى :﴿ كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أبو بعض يوم ﴾ [ المؤمنون : ١١٢-١١٣ ]، والآخر : أن يكون الظن بمعنى اليقين فكأنه قال لهم : يوم تدعون فتستجيبون بحمد الله، وتتيقنون أنكم إنما لبثتم قليلاً، من حيث هو منقض منحصر، وهذا كما يقال في الدنيا بأسرها : متاع قليل، فكأنه قلة قدر على أن الظن بمعنى اليقين يقلق ها هنا لأنه في شيء قد وقع، وإنما يجيء الظن بمعنى اليقين فيما لم يخرج بعد إلى الكون والوجود، وفي الكلام تقوية للبعث، كأنه يقول : أنت