أيها المكذب بالحشر، الذي تعتقد أنك لا تبعث أبداً، لا بد أن تدعى للبعث، فتقوم، وترى أنك إنما لبثت قليلاً منقضياً منصرماً. وحكى الطبري عن قتادة أنهم لما رأوا هول يوم القيامة احتقروا الدنيا فظنوا أنهم لبثوا فيها قليلاً. وقوله تعالى :﴿ وقل لعبادى ﴾ الآية اختلف النحويون في قوله ﴿ يقولوا ﴾ فمذهب سيبويه، أنه جواب شرط مقدر تقديره : وقل لعبادي : إنك إن تقل لهم يقولوا، وهذا على أصله، في أن الأمر لا يجاب، وإنما يجاب معه شرط مقدر، ومذهب الأخفش : أن الأمر يجاب، وأن قوله ها هنا ﴿ يقولوا ﴾ إنما هو جواب ﴿ قل ﴾.
قال القاضي أبو محمد : ولا يصح المعنى على هذا بأن يجعل ﴿ قل ﴾ مختصة بهذه الألفاظ على معنى أن يقول لهم النبي : قولوا التي هي أحسن ؛ وإنما يصح بأن يكون ﴿ قل ﴾ أمراً بالمحاورة في هذا المعنى بما أمكن من الألفاظ، كأنه قال بين لعبادي، فتكون ثمرة ذلك القول والبيان قولهم ﴿ التي هي أحسن ﴾، وهذا المعنى يجوزه مذهب سيبويه الذي قدمنا ومذهب أبي العباس المبرد : أن ﴿ يقولوا ﴾ جواب لأمر محذوف، تقديره : وقل لعبادي " قولوا التي هي أحسن " يقولوا فحذف وطوي الكلام، ومذهب الزجاج : أن ﴿ يقولوا ﴾ جزم بالأمر، بتقدير ﴿ قل لعبادي ﴾ ليقولوا، فحذفت اللام لتقدم الأمر، وحكى أبو علي في الحلبيات في تضاعيف كلامه : أن مذهب أبي عثمان المازني في ﴿ يقولوا ﴾ أنه فعل مبني، لأنه مضارع حل محل المبني الذي هو فعل الأمر ؛ لأن المعنى ﴿ قل لعبادي ﴾ قولوا، واختلف الناس في ﴿ التي هي أحسن ﴾ فقالت فرقة : هي لا إله إلا الله، ويلزم على هذا أن يكون قوله ﴿ لعبادي ﴾ يريد به جميع الخلق، لأن جميعهم مدعو إلى لا إله إلا الله.


الصفحة التالية
Icon