وقوله ﴿ كونوا ﴾ هو الذي يسميه المتكلمون التعجيز من أنواع أفعل، وبهذه الآية مثل بعضهم وفي هذا عندي نظر وإنما التعجيز حيث يقتضي بالأمر فعل ما لا يقدر عليه المخاطب كقوله تعالى :﴿ فادرؤوا عن أنفسكم الموت ﴾ ونحوه.
وأما هذه الآية فمعناها كونوا بالتوهم والتقدير كذا وكذا ﴿ الذي فطركم ﴾ كذلك هو يعيدكم انتهى.
وقال مجاهد : المعنى ﴿ كونوا ﴾ ما شئتم فستعادون.
وقال النحاس : هذا قول حسن لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا حجارة وإنما المعنى أنهم قد أقروا بخالقهم وأنكروا البعث فقيل لهم استشعروا أن تكونوا ما شئتم، فلو كنتم ﴿ حجارة أو حديداً ﴾ لبعثتم كما خلقتم أول مرة انتهى.
﴿ أو خلقا مما يكبر في صدوركم ﴾ صلابته وزيادته على قوة الحديد وصلابته، ولم يعينه ترك ذلك إلى أفكارهم وجولانها فيما هو أصلب من الحديد، فبدأ أولاً بالصلب ثم ذكر على سبيل الترقي الأصلب منه ثم الأصلب من الحديد، أي افرضوا ذواتكم شيئاً من هذه فإنه لا بد لكم من البعث على أي حال كنتم.
وقال ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمر والحسن وابن جبير والضحاك الذي يكبر الموت، أي لو كنتم الموت لأماتكم ثم أحياكم.
وهذا التفسير لا يتم إلاّ إذا أريد المبالغة لا نفس الأمر، لأن البدن جسم والموت عرض ولا ينقلب الجسم عرضاً ولو فرض انقلابه عرضاً لم يكن ليقبل الحياة لأجل الضدية.
وقال مجاهد : الذي يكبر السموات والأرض والجبال ولما ذكر أنهم لو كانوا أصلب شيء وأبعده من حلول الحياة به كان خلق الحياة فيه ممكناً.