ولما كان الكفار قد استبعدوا تنبئة البشر إذ فيه تفضيل الأنبياء على غيرهم أخبر تعالى بتفضيل الأنبياء على بعض إشارة إلى أنه لا يستبعد تفضيل الأنبياء على غيرهم إذ وقع التفضيل في هذا الجنس المفضل على الناس والله تعالى أعلم بما خص كل واحد من المزايا فهو يفضل من شاء منهم على من شاء إذ هو الحكيم فلا يصدر شيء إلاّ عن حكمته.
وفيه إشارة إلى أنه لا يستنكر تفضيل محمد ( ﷺ ) على سائر الأنبياء وخص ﴿ داود ﴾ بالذكر هنا لأنه تعالى ذكر في الزبور أن محمداً خاتم الأنبياء وأن أمته خير الأمم.
وقال تعالى ﴿ ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ﴾ وهم محمد وأمته، وكانت قريش ترجع إلى اليهود كثيراً فيما يخبرون به مما في كتبهم، فنبه على أن زبور داود تضمن البشارة بمحمد ( ﷺ ).
وفي ذلك إشارة رد على مكابري اليهود حيث قالوا : لا نبيّ بعد موسى ولا كتاب بعد التوراة، ونص تعالى هنا على إيتاء داود الزبور وإن كان قد آتاه مع ذلك الملك إشارة إلى أن التفضيل المحض هو بالعلم الذي آتاه، والكتاب الذي أنزل عليه كما فضل محمد ( ﷺ ) بما آتاه من العلم والقرآن الذي خصه به.
وتقدم تفسير ﴿ وآتينا داود زبوراً ﴾ في أواخر النساء وذكر الخلاف في ضم الزاي وفتحها.
وقال الزمخشري هنا : فإن قلت : هلا عرّف الزبور كما عرف في ﴿ ولقد كتبنا في الزبور ﴾ قلت : يجوز أن يكون الزبور وزبور كالعباس وعباس والفضل وفضل، وأن يريد ﴿ وآتينا داود ﴾ بعض الزبور وهي الكتب وأن يريد ما ذكر فيه رسول الله ( ﷺ ) من الزبور، فسُميِّ ذلك ﴿ زبوراً ﴾ لأنه بعض الزبور كما سُمي بعض القرآن قرآناً. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon