وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) ﴾
﴿ قُلْ ﴾ جواباً لهم وتقريباً لما استبعدوه.
﴿ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً ﴾ رد سبحانه قوله ﴿ كُونُواْ ﴾ على قولهم ﴿ كنا ﴾ [ الإسراء : ٤٩ ] فهو من باب المشاكلة والمقابلة بالجنس، ومعنى الأمر كما قيل الاستهانة كما في قوله موسى عليه السلام :﴿ أَلْقُواْ مَا أَنتُمْ مُّلْقُونَ ﴾ [ يونس : ٨٠ ] وجعله صاحب الإيضاح أمر إهانة والفاضل الطيبي أمر تسخير كما في قوله تعالى :﴿ كُونُواْ قِرَدَةً خاسئين ﴾ [ الأعراف : ١٦٦ ] لكنه قال : إنه على الفرض.
وفي "الكشف" أنه غير ذاهر ولو جعل من باب كن فلاناً على معنى أنت فلان من استعمال الطلب في معنى الخبر أي أنتم حجارة ولستم عظاماً ومع ذلك تبعثون لا محالة لكان وجهاً قويماً، وبحث في الشهاب بأنه كيف يقال أنتم حجارة على أنه خبر وهو غير مطابق للواقع فلا بد من قصد الإهانة وعدم المبالاة وجعل الأمر مجازاً عن الخبر والخبر خبر فرضي وليس فيه ما يدل على الفرض كان ولو الشرطيتين فهو مما لا يخفى بعده وليس بأقرب مما استبعده فالصواب أنه للإهانة كما جنح إليه صاحب الإيضاح فتدبر، والحجارة جمع حجر كأحجار وهو معروف وكذا الحديد وهو مفرد وجمعه حدائد وحديدات.
والظاهر أن المراد كونوا من هذين الجنسين.
﴿ أَوْ خَلْقًا ﴾ أي مخلوقاً آخر ﴿ مّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ ﴾ أي مما يستبعد عندكم قبوله الحياة لكونه أبعد شيء منها وتعيينه مفوض إليكم فإن الله تعالى لا يعجزه إحياؤكم لتساوي الأجسام في قبول الاعراض فكيف إذا كنتم عظاماً بالية وقد كانت موصوفة بالحياة قبل والشيء أقبل لما عهد مما لم يعهد، وقال مجاهد : الذي يكبر السموات والأرض والجبال.
وأخرج ابن جرير وجماعة عن ابن عباس.
وابن عمر.