وقوله :﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً ﴾ [ طه : ٤٤ ] لأن المخاشنة لهم ربما تنفرهم عن الإجابة أو تؤدي إلى ما قال سبحانه :﴿ وَلاَ تَسُبُّواْ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله فَيَسُبُّواْ الله عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [ الأنعام : ١٠٨ ].
وهذا كان قبل نزول آية السيف، وقيل : المعنى : قل لهم يأمروا بما أمر الله وينهوا عما نهى عنه، وقيل : هذه الآية للمؤمنين فيما بينهم خاصة، والأوّل أولى كما يشهد به السبب الذي سنذكره إن شاء الله ﴿ إِنَّ الشيطان يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ﴾ أي : بالفساد وإلقاء العداوة والإغراء.
قال اليزيدي : يقال نزغ بيننا أي : أفسد.
وقال غيره : النزغ الإغراء ﴿ إِنَّ الشيطان كَانَ للإنسان عَدُوّا مُّبِينًا ﴾ أي : متظاهراً بالعداوة مكاشفاً بها، وهو تعليل لما قبله، وقد تقدّم مثل هذا في البقرة.
﴿ رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ ﴾ قيل : هذا خطاب للمشركين.
والمعنى : إن يشأ يوفقكم للإسلام فيرحمكم أو يميتكم عن الشرك فيعذبكم، وقيل : هو خطاب للمؤمنين أي :﴿ إن يشأ يرحمكم ﴾ بأن يحفظكم من الكفار ﴿ أو إن يشأ يعذبكم ﴾ بتسليطهم عليكم ؛ وقيل : إن هذا تفسير لكلمة ﴿ التي هي أحسن ﴾ ﴿ وَمَا أرسلناك عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ﴾ أي : ما وكلناك في منعهم من الكفر، وقسرهم على الإيمان ؛ وقيل : ما جعلناك كفيلاً لهم تؤخذ بهم، ومنه قول الشاعر :
ذكرت أبا أروى فبتّ كأنني... بردّ الأمور الماضيات وكيل
أي : كفيل.