﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى السموات والارض ﴾ أعلم بهم ذاتاً وحالاً واستحقاقاً، وهو أعمّ من قوله :﴿ رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ ﴾ لأن هذا يشمل كل ما في السموات والأرض من مخلوقاته، وذاك خاص ببني آدم أو ببعضهم، وهذا كالتوطئة لقوله :﴿ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النبيين على بَعْضٍ ﴾ أي : إن هذا التفضيل عن علم منه بمن هو أعلى رتبة وبمن دونه، وبمن يستحق مزيد الخصوصية بتكثير فضائله وفواضله.
وقد تقدّم هذا في البقرة.
وقد اتخذ الله إبراهيم خليلاً، وموسى كليماً، وجعل عيسى كلمته وروحه، وجعل لسليمان ملكاً عظيماً، وغفر لمحمد ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وجعله سيد ولد آدم.
وفي هذه الآية دفع لما كان ينكره الكفار مما يحكيه رسول الله ﷺ من ارتفاع درجته عند ربه عزّ وجلّ، ثم ذكر ما فضل به داود، فقال :﴿ وَءاتَيْنَا داود زبورا ﴾ أي : كتاباً مزبوراً.
قال الزجاج : أي فلا تنكروا تفضيل محمد وإعطاءه القرآن فقد أعطى الله داود زبوراً.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ورفاتا ﴾ قال : غباراً.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ ورفاتا ﴾ قال : تراباً، وفي قوله :﴿ قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً ﴾ قال : ما شئتم فكونوا، فسيعيدكم الله كما كنتم.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله :﴿ أَوْ خَلْقًا مّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ ﴾ قال : الموت، لو كنتم موتاً لأحييتكم.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير، والحاكم عن ابن عباس مثله.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن مثله أيضاً.