ومن خصائص الحديد أن يعلوَه الصدأُ، وهو كالوسخ أخضرُ ثم يستحيل تدريجاً إلى أكسيد ( كلمة كيمياوية تدل على تعلق أجزاء الأكسجين بجسم فتفسده ) وإذا لم يتعهد الحديد بالصقل والزيت أخذ الصدأ في نخر سطحه، وهذا المعدن يوجد في غالب البلاد.
وأكثر وجوده في بلاد الحبشة وفي صحراء مصر.
ووجدت في البلاد التونسية معادن من الحديد.
وكان استعمال الحديد من العصور القديمة ؛ فإن الطور الثاني من أطور التاريخ يعرف بالعصر الحديدي، أي الذي كان البشر يستعمل فيه آلات متخذة من الحديد، وذلك من أثر صنعة الحديد، وذلك قبل عصر تدوين التاريخ.
والعصر الذي قبله يعرف بالعصر الحجري.
وقد اتصلت بتعيين الزمن الذي ابتدىء فيه صنع الحديد أساطير واهية لا ينضبط بها تاريخه.
والمقطوع به أن الحديد مستعمل عند البشر قبل ابتداء كتابة التاريخ ولكونه يأكله الصدأ عند تعرضه للهواء والرطوبة لم يَبق من آلاته القديمة إلا شيء قليل.
وقد وُجدتُ في ( طيبَة ) : ومَدافن الفراعنة في ( منفيس ) بمصر صور على الآثار مرسوم عليها : صور خزائن شاحذين مداهم وقد صبغوها في الصور باللون الأزرق لون الفولاذ، وذلك في القرن الحادي والعشرين قبل التاريخ المسيحي.
وقد ذكر في التوراة وفي الحديث قصة الذبيح، وقصة اختتان إبراهيم بالقدوم.
ولم يذكر أن السكين ولالقدوم كانتا من حجر الصوان، فالأظهر أنه بآلة الحديد، ومن الحديد تتخذ السلاسل للقيد، والمقامع للضرب، وسيأتي قوله تعالى :﴿ ولهم مقامع من حديد ﴾ في سورة [ الحج : ٢١ ].
والخلق : بعنى المخلوق، أي أو خلقاً آخر مما يعظم في نفوسكم عن قبوله الحياة ويستحيل عندكم على الله إحياؤه مثل الفولاذ والنحاس.
وقوله : مما يكبر في صدوركم } صفة ﴿ خلقاً ﴾.
ومعنى ﴿ يكبر ﴾ يعظم وهو عظم مجازي بمعنى القوي في نوعه وصفاته، والصدور : العقول، أي مما تعدونه عظيماً لا يتغير.


الصفحة التالية
Icon