الوجه الثاني : في تفسير هذا الجواب أنا لا نظهر هذه المعجزات لأن آباءكم الذين رأوها لم يؤمنوا بها وأنتم مقلدون لهم، فلو رأيتموها أنتم لم تؤمنوا بها أيضاً.
الوجه الثالث : أن الأولين شاهدوا هذه المعجزات وكذبوا بها، فعلم الله منكم أيضاً أنكم لو شاهدتموها لكذبتم فكان إظهارها عبثاً، والعبث لا يفعله الحكيم.
ثم قال تعالى :﴿وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها﴾ وفيه أبحاث :
البحث الأول : المعنى أن الآية التي التمسوها هي مثل آية ثمود، وقد آتيناها ثمود واضحة بينة ثم كفروا بها فاستحقوا عذاب الاستئصال فكيف يتمناها هؤلاء على سبيل الاقتراح والتحكم على الله تعالى.
البحث الثاني : قوله تعالى :﴿مُبْصِرَةً﴾ وفيه وجهان : الأول : قال الفراء :﴿مُبْصِرَةً﴾ أي مضيئة.
قال تعالى :﴿والنهار مُبْصِراً﴾ [ يونس : ٦٧ ] أي مضيئاً.
الثاني :﴿مُبْصِرَةً﴾ أي ذات أبصار أي فيها أبصار لمن تأملها يبصر بها رشده ويستدل بها على صدق ذلك الرسول.
البحث الثالث : قوله :﴿فَظَلَمُواْ بِهَا﴾ أي ظلموا أنفسهم بتكذيبهم بها، وقال ابن قتيبة :﴿ظَلَمُواْ بِهَا﴾ أي جحدوا بأنها من الله تعالى.
ثم قال تعالى :﴿وَمَا نُرْسِلُ بالأيات إِلاَّ تَخْوِيفًا﴾ قيل : لا آية إلا وتتضمن التخويف بها عند التكذيب إما من العذاب المعجل أو من عذاب الآخرة.
فإن قيل : المقصود الأعظم من إظهار الآيات أن يستدل بها على صدق المدعي فكيف حصر المقصود من إظهارها في التخويف.


الصفحة التالية
Icon