قلنا : المقصود أن مدعي النبوة إذا أظهر الآية فإذا سمع الخلق أنه أظهر آية فهم لا يعلمون أن تلك الآية معجزة أو مخوفة، إلا أنهم يجوزون كونها معجزة، وبتقدير أن تكون معجزة فلو لم يتفكروا فيها ولم يستدلوا بها على الصدق لاستحقوا العقاب الشديد، فهذا هو الخوف الذي يحملهم على التفكر والتأمل في تلك المعجزات، فالمراد من قوله :﴿وَمَا نُرْسِلُ بالأيات إِلاَّ تَخْوِيفًا﴾ هذا الذي ذكرناه، والله أعلم.
واعلم أن القوم لما طالبوا رسول الله ﷺ بالمعجزات القاهرة، وأجاب الله تعالى بأن إظهارها ليس بمصلحة صار ذلك سبباً لجرأة أولئك الكفار بالطعن فيه وأن يقولوا له : لو كنت رسولاً حقاً من عند الله تعالى لأتيت بهذه المعجزات التي اقترحناها منك، كما أتى بها موسى وغيره من الأنبياء، فعند هذا قوى الله قلبه وبين له أنه تعالى ينصره ويؤيده فقال :﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بالناس﴾ وفيه قولان :
القول الأول : المعنى أن حكمته وقدرته محيطة بالناس فهم في قبضته وقدرته، ومتى كان الأمر كذلك فهم لا يقدرون على أمر من الأمور إلا بقضائه وقدره، والمقصود كأنه تعالى يقول له : ننصرك ونقويك حتى تبلغ رسالتنا وتظهر ديننا.
قال الحسن : حال بينهم وبين أن يقتلوه كما قال تعالى :﴿والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس﴾ [ المائدة : ٦٧ ].