إن الرجال لهم إليك وسيلة... ومنه قول النبي عليه السلام :" من سأل الله لي الوسيلة " الحديث. و﴿ أيهم ﴾ ابتداء، و﴿ أقرب ﴾ خبر، و﴿ أولئك ﴾ يراد به المعبودون وهو : ابتداء خبره ﴿ يبتغون ﴾ والضمير في ﴿ يدعون ﴾ للكفار، وفي ﴿ يبتغون ﴾ للمعبودين، والتقدير : نظرهم ووكدهم أيهم أقرب وهذا كما قال عمر بن الخطاب في حديث الراية بخيبر : فبات الناس يدوكون أيهم يعطاها أي يتبارون في طلب القرب، وطفف الزجاج في هذا الموضع فتأمله، وقال ابن فورك وغيره : إن الكلام من قوله ﴿ أولئك الذين ﴾ راجع إلى النبيين المتقدم ذكرهم، ف ﴿ يدعون ﴾ على هذا من الدعاء، بمعنى الطلبة إلى الله، والضمائر لهم في ﴿ يدعون ﴾ وفي ﴿ يبتغون ﴾ وباقي الآية بين. وقوله تعالى :﴿ وإن من قرية ﴾ الآية : أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه ليس مدينة من المدن إلا هي هالكة قبل يوم القيامة بالموت والفناء، هذا مع السلامة وأخذها جزءاً أو هي معذبة مأخوذة مرة واحدة فهذا عموم في كل مدينة و﴿ من ﴾ لبيان الجنس، وقيل المراد الخصوص ﴿ وإن من قرية ﴾ ظالمة، وحكى النقاش أنه وجد في كتاب الضحاك بن مزاحم في تفسير هذه الآية استقراء البلاد المعروفة اليوم، وذكر الهلاك كل قطر منها صفة، ثم ذكر نحو ذلك عن وهب بن منبه، فذكر فيه أن هلاك الأندلس وخرابها يكون بسنابك الخيل واختلاف الجيوش فيها، وتركت سائرها لعدم الصحة في ذلك، والمعلوم أن كل قرية تهلك، إما من جهة القحوط والخسف غرقاً، وإما من الفتن، أو منهما، وصور ذلك كثيرة لا يعلمها إلا الله عزّ وجل، فأما ما هلك بالفتنة، فعن ظلم ولا بد، إما في كفر أو معاص، أو تقصير في دفاع، وحزامة، وأما القحط فيصيب الله به من يشاء، وكذلك الخسف.