وقال أبو السعود :
﴿ رَّبُّكُمُ الذى يُزْجِى لَكُمُ الفلك فِى البحر ﴾
مبتدأ وخبر والإزجاءُ السوقُ حالاً بعد حال، أي هو القادرُ الحكيمُ الذي يسوق لمنافعكم الفُلك ويُجريها في البحر ﴿ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ﴾ من رزقه الذي هو فضلٌ من قِبَله أو من الربح الذي هو مُعطيه، ومن مزيدةٌ أو تبعيضةٌ، وهذا تذكير لبعض النعم التي هي دلائلُ التوحيد وتمهيدٌ لذكر توحيدِهم عند مِساسِ الضرِّ تكملةً لما مر من قوله تعالى :﴿ فَلاَ يَمْلِكُونَ ﴾ الآية ﴿ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ ﴾ أزلاً وأبداً ﴿ رَّحِيماً ﴾ حيث هيأ لكم ما تحتاجون إليه وسهّل عليكم ما يعسُر من مباديه، وهذا تذييلٌ فيه تعليلٌ لما سبق من الإزجاء لابتغاء الفضلِ، وصيغةُ الرحيم للدِلالة على أن المرادَ بالرحمة الرحمةُ الدنيويةُ والنعمةُ العاجلة المنقسمة إلى الجليلة والحقيرة.
﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر فِى البحر ﴾
خوفَ الغرقِ فيه ﴿ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ ﴾ أي ذهب عن خواطركم ما كنتم تدعون من دون الله من الملائكة أو المسيحِ أو غيرهم ﴿ إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾ وحده من غير أن يخطُر ببالكم أحدٌ منهم وتدعوه لكشفه استقلالاً أو اشتراكاً، أو ضل كلُّ مَنْ تدعونه عن إغاثتكم وإنقاذِكم ولم يقدِر على ذلك إلا الله، على الاستثناء المنقطع ﴿ فَلَمَّا نجاكم ﴾ من الغرق وأوصلكم ﴿ إِلَى البر أَعْرَضْتُمْ ﴾ عن التوحيد أو اتسعتم في كُفران النعمة ﴿ وَكَانَ الإنسان كَفُورًا ﴾ تعليلٌ لما سبق من الإعراض.