وبمعنى السحاب الذي يرمى بهما، واختار الزمخشري ومن تبعه تفسير الفراء والظاهر أن الكلام عليه على حقيقته فالمعنى أو إن لم يصبكم بالهلاك من تحتكم بالخسف أصابكم به من فوقكم بريح يرسلها عليكم فيها الحصباء يرجمكم بها فيكون أشد عليكم من الغرق في البحر، ويقال نحو هذا على سائر تفاسير الحاصب، وقال الخفاجي فيوصف الريح بالرمي بالحصباء : إنه عبارة عن شدتها، وذكرها إشارة إلى أنهم خافوا إهلاك الريح في البحر فقيل إن شاء أهلككم بالريح أيضاً، ولا أدري ما المانع من إرادة الظاهر والشدة تلزم الرمي المذكور عادة والإشارة ﴿ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً ﴾ تكلون إليه أموركم فيحفظكم من ذلك أويصرفه عنكم غيره جل وعلا فإنه لا راد لأمره الغالب جل جلاله.
﴿ أَمْ أَمِنتُمْ ﴾ أي بل أأمنتم ﴿ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ ﴾ أي في البحر الذي نجاكم منه فأعرضتم بركوب الفلك لا في الفلك لأنها مؤنثة وأوثرت كلمة في على كلمة إلى المنبئة عن مجرد الانتهاء على استقرارهم فيه ﴿ تَارَةً أخرى ﴾ أي مرة غير المرة الأولى، وهو منصوب على الظرفية ويجمع على تارات وتير كما في قوله :
يقوم تارات ويمشي تيرا...
وربما حذفوا منه الهاء كقوله :
بالويل تاراً والثبور تارا...
وإسناد الإعادة إليه تعالى مع أن العود باختيارهم ومما ينسب إليهم وإن كان مخلوقاً له سبحانه كسائر أفعالهم باعتبار خلق الدواعي فيهم الملجئة إلى ذلك، وفيه إيماء إلى كمال شدة هول ما لاقوه في التارة الأولى بحيث لولا الإعادة ما عادوا ﴿ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ ﴾ وأنتم في البحر ﴿ قَاصِفًا مّنَ الريح ﴾ وهي الريح الشديدة التي تقصف ما تمر به من الشجر ونحوه أو التي لها قصيف وهو الصوت الشديد كأنها تتقصف أي تتكسر.
وأخرج ابن جرير.
وابن المنذر.