وأما القسم الثاني : فهو الإنسان، فإنه يمكنه تعريف غيره كل ما عرفه ووقف عليه وأحاط به فكونه قادراً على هذا النوع من التعريف هو المراد بكونه ناطقاً، وبهذا البيان ظهر أن الإنسان الأخرس داخل في هذا الوصف، لأنه وإن عجز عن تعريف غيره ما في قلبه بطريق اللسان، فإنه يمكنه ذلك بطريق الإشارة وبطريقة الكتابة وغيرهما ولا يدخل فيه الببغاء، لأنه وإن قدر على تعريفات قليلة، فلا قدرة له على تعريف جميع الأحوال على سبيل الكمال والتمام.
وثالثها : قال عطاء : بامتداد القامة.
واعلم أن هذا الكلام غير تام لأن الأشجار أطور من قامة الإنسان بل ينبغي أن يشترط فيه شرط، وهو طول القامة مع استكمال القوة العقلية، والقوى الحسية والحركية.
ورابعها : قال بيان بحسن الصورة، والدليل عليه قوله تعالى :﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ [ غافر : ٦٤ ] لما ذكر الله تعالى خلقة الإنسان قال :﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ [ المؤمنون : ١٤ ] وقال :﴿صِبْغَةَ الله وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً﴾ [ البقرة : ١٣٨ ] وإن شئت فتأمل عضواً واحداً من أعضاء الإنسان وهو العين فخلق الحدقة سوداء ثم أحاط بذلك السواد بياض العين ثم أحاط بذلك البياض سواد الأشفار ثم أحاط بذلك السواد بياض الأجفان ثم خلق فوق بياض الجفن سواد الحاجبين ثم خلق فوق ذلك السواد بياض الجبهة ثم خلق فوق بياض الجبهة سواد الشعر، وليكن هذا المثال الواحد أنموذجاً لك في هذا الباب.
وخامسها : قال بعضهم من كرامات الآدمي أن آتاه الله الخط.
وتحقيق الكلام في هذا الباب أن العلم الذي يقدر الإنسان على استنباطه يكون قليلاً.