وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ولقد كرَّمنا بني آدم ﴾
أي : فضَّلناهم.
قال أبو عبيدة : و"كرَّمنا" أشد مبالغة من "أكرمنا".
وللمفسرين فيما فُضِّلوا به أحد عشر قولاً.
أحدها : أنهم فضِّلوا على سائر الخلق غير طائفة من الملائكة : جبريل، وميكائيك، وإِسرافيل، ومَلَك الموت، وأشباههم، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
فعلى هذا يكون المراد : المؤمنين منهم، ويكون تفضيلهم بالإِيمان.
والثاني : أن سائر الحيوان يأكل بفيه، إِلا ابن آدم فإنه يأكل بيده، رواه ميمون بن مهران عن ابن عباس.
وقال بعض المفسرين : المراد بهذا التفضيل : أكلهم بأيديهم، ونظافة ما يقتاتونه، إِذ الجن يقتاتون العظام والرَّوث.
والثالث : فُضِّلوا بالعقل، روي عن ابن عباس.
والرابع : بالنطق والتمييز، قاله الضحاك.
والخامس : بتعديل القامة وامتدادها، قاله عطاء.
والسادس : بأن جعل محمداً ﷺ منهم، قاله محمد بن كعب.
والسابع : فضِّلوا بالمطاعم واللَّذات في الدنيا، قاله زيد بن أسلم.
والثامن : بحسن الصورة، قاله يمان.
والتاسع : بتسليطهم على غيرهم من الخلق، وتسخير سائر الخلق لهم، قاله محمد بن جرير.
والعاشر : بالأمر والنهي، ذكره الماوردي.
والحادي عشر : بأن جعلت اللِّحى للرجال، والذوائب للنساء، ذكره الثعلبي.
فإن قيل : كيف أطلق ذكر الكرامة على الكل، وفيهم الكافر المُهان؟
فالجواب من وجهين.
أحدهما : أنه عامل الكل معاملة المكرَم بالنعم الوافرة.
والثاني : أنه لما كان فيهم من هو بهذه الصفة، أجرى الصِّفة على جماعتهم، كقوله :﴿ كنتم خير أُمة أُخرجت للناس ﴾ [ آل عمران : ١١٠ ].
قوله تعالى :﴿ وحملناهم في البر ﴾ على أكباد رطبة، وهي : الإبل، والخيل، والبغال، والحمير، ﴿ و ﴾ في ﴿ البحر ﴾ على أعواد يابسة، وهي : السفن.
﴿ ورزقناهم من الطيبات ﴾ فيه قولان.
أحدهما : الحلال.
والثاني : المستطاب في الذوق.