قوله تعالى :﴿ وفضَّلناهم على كثير ممن خلقْنا تفضيلاً ﴾ فيه قولان.
أحدهما : أنه على لفظه، وأنهم لم يفضَّلوا على سائر المخلوقات.
وقد ذكرنا عن ابن عباس أنهم فضِّلوا على سائر الخلق غيرِ طائفة من الملائكة.
وقال غيره : بل الملائكة أفضل.
والثاني : أن معناه : وفضَّلناهم على جميع مَنْ خلقنا.
والعرب تضع الأكثر والكثير في موضع الجمع، كقوله :﴿ يلقون السمع وأكثرهم كاذبون ﴾ [ الشعراء : ٢٢٣ ].
وقد روى أبو هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال :" المؤمن أكرم على الله عز وجل من الملائكة الذين عنده ".
قوله تعالى :﴿ يوم ندعو ﴾
قال الزجاج : هو منصوب على معنى : اذكر ﴿ يوم ندعو كل أُناس بإمامهم ﴾ والمراد به : يوم القيامة.
وقرأ الحسن البصري :"يوم يدعو" بالياء ﴿ كلَّ ﴾ بالنصب.
وقرأ أبو عمران الجوني :"يوم يُدعى" بياء مرفوعة، وفتح العين، وبعدها ألف، "كلُّ" بالرفع.
وفي المراد بإمامهم أربعة أقوال.
أحدها : أنه رئيسهم، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وروى عنه سعيد بن جبير أنه قال : إِمام هدى أو إِمام ضلالة.
والثاني : عملُهم، رواه عطية عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وأبوالعالية.
والثالث : نبيُّهم، قاله أنس بن مالك، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومجاهد في رواية.
والرابع : كتابُهم، قاله عكرمة، ومجاهد في رواية.
ثم فيه قولان.
أحدهما : أنه كتابهم الذي فيه أعمالهم، قاله قتادة، ومقاتل.
والثاني : كتابهم الذي أُنزل عليهم، قاله الضحاك، وابن زيد.
فعلى القول الأول يقال : يا متَّبعي موسى، يا متَّبعي عيسى، يا متَّبعي محمَّدٍ ؛ ويقال : يا متَّبعي رؤساء الضلالة.
وعلى الثاني : يا من عمل كذا وكذا.
وعلى الثالث : يا أُمَّة موسى، يا أُمَّة عيسى، يا أُمَّة محمد.
وعلى الرابع : يا أهل التوراة، يا أهل الإِنجيل، يا أهل القرآن.
أو يا صاحب الكتاب الذي فيه عمل كذا وكذا.