قوله تعالى :﴿ فأولئك يقرؤون كتابهم ﴾ معناه : يقرؤون حسناتِهم، لأنهم أخذوا كتبهم بأيْمانهم.
قوله تعالى :﴿ ولا يُظلمون فتيلاً ﴾ أي : لا ينقصون من ثوابهم بقدر الفتيل، وقد بيَّنَّاه في سورة [ النساء : ٤٩ ].
قوله تعالى :﴿ ومن كان في هذه أعمى ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر :"أعمى فهو في الآخرة أعمى" مفتوحتي الميم.
وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم بكسر الميمين.
وقرأ أبو عمرو :"في هذه أعمى" بكسر الميم، "فهو في الآخرة أعمى" بفتحها.
وفي المشار إِليها ب "هذه" قولان.
أحدهما : أنها الدنيا، قاله مجاهد.
ثم في معنى الكلام خمسة أقوال.
أحدها : من كان في الدنيا أعمى عن معرفة قدرة الله في خَلْق الأشياء، فهو عمّا وُصِف له في الآخرة أعمى، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني : من كان في الدنيا أعمى بالكفر، فهو في الآخرة أعمى، لأنه في الدنيا تُقبَل توبته، وفي الآخرة لا تُقبَل، قاله الحسن.
والثالث : من عمي عن آيات الله في الدنيا، فهو عن الذي غيِّب عنه من أمور الآخرة أشدّ عمىً.
والرابع : من عمي عن نِعَم الله التي بيَّنها في قوله :﴿ ربُّكم الذي يزجي لكم الفُلْك في البحر ﴾ إِلى قوله :﴿ تفضيلا ﴾ فهو في الآخرة أعمى عن رشاده وصلاحه، ذكرهما ابن الأنباري.
والخامس : من كان فيها أعمى عن الحُجَّة، فهو في الآخرة أعمى عن الجنة، قاله أبو بكر الورّاق.
والثاني : أنها النِّعم.
ثم في الكلام قولان.
أحدهما : من كان أعمى عن النِّعم التي تُرى وتُشاهَد، فهو في الآخرة التي لم تُر أعمى، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني : من كان أعمى عن معرفة حق الله في هذه النِّعم المذكورة في قوله :﴿ ولقد كرَّمنا بني آدم ﴾ ولم يؤدِّ شكرها، فهو فيما بينه وبين الله مما يُتقرَّب به إِليه أعمى ﴿ وأضل سبيلاً ﴾، قاله السدي.


الصفحة التالية
Icon