وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وما منع الناس أن يؤمنوا ﴾
هذه الآية على معنى التوبيخ والتلهف من النبي عليه السلام والبشر، كأنه يقول متعجباً منهم ما شاء الله كان، ما نمنع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا هذه العلة النزرة والاستبعاد الذي لا يستند إلى حجة، وبعثة البشر رسلاً غير بدع ولا غريب، فيها يقع الإفهام والتمكن من النظر كما ﴿ لو كان في الأرض ملائكة ﴾ يسكنونها ﴿ مطمئنين ﴾، أي وادعين فيها مقيمين لكان الرسول إليهم من الملائكة ليقع الإفهام، وأما البشر فلو بعث إليهم ملك لنفرت طباعهم من رؤيته، ولم تحتمله أبصارهم ولا تجلدت له قلوبهم، وإنما أراد الله جري أحوالهم على معتادها.
﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾
روى البخاري أن الملأ من قريش الذين قالوا لرسول الله ﷺ المقالات التي تقدم ذكرها من عرض الملك عليه والغنى وغير ذلك، قالوا له في آخر قولهم : فلتجىء معك طائفة من الملائكة تشهد لك بصدقك في نبوتك، قال المهدوي : روي أنهم قالوا له : فمن يشهد لك؟.