وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ﴾
قرأ نافع، وأبو عمرو بالياء في الوصل، وحَذَفاها في الوقف.
وأثبتها يعقوب في الوقف، وحذفها الأكثرون في الحالتين.
"من يهد الله" قال ابن عباس : من يرد الله هداه ﴿ فهو المهتد ومن يُضْلِل فلن تجد لهم أولياء من دونه ﴾ يَهدونهم.
قوله تعالى :﴿ ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه يمشِّيهم على وجوههم، وشاهِده ما روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث أنس بن مالك " أن رجلاً سأل رسول الله ﷺ كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال :"إِن الذي أمشاه على رجليه في الدنيا، قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة ".
والثاني : أن المعنى : ونحشرهم مسحوبين على وجوههم، قاله ابن عباس.
والثالث : نحشرهم مسرعين مبادرين، فعبَّر بقوله :"على وجوههم" عن الإِسراع، كما تقول العرب : قد مَرَّ القوم على وجوههم : إِذا أسرعوا، قاله ابن الأنباري.
قوله تعالى :﴿ عمياً وبكماً وصماً ﴾ فيه قولان.
أحدهما : عمياً لا يرون شيئاً يَسرُّهم، وبكماً لا ينطقون بحجَّة، وصماً لا يسمعون شيئاً يسرُّهم، قاله ابن عباس.
وقال في رواية : عمياً عن النظر إِلى ما جعل لأوليائه، وبكماً عن مخاطبة الله، وصماً عما مدح به أولياءه، وهذا قول الأكثرين.
والثاني : أن هذا الحشر في بعض أحوال القيامة بعد الحشر الأول.
قال مقاتل : هذا يكون حين يقال لهم :﴿ اخسؤوا فيها ﴾ [ المؤمنون : ١٠٨ ] فيصيرون عمياً بكماً صماً لا يرون ولا يسمعون ولا ينطقون بعد ذلك.
قوله تعالى :﴿ كلما خَبَتْ ﴾ قال ابن عباس : أي : سكنت.
قال المفسرون : وذلك أنها تأكلهم، فإذا لم تُبق منهم شيئاً وصاروا فحماً ولم تجد شيئاً تأكله، سكنت، فيُعادُون خلقاً جديداً، فتعود لهم.
وقال ابن قتيبة : يقال : خبت النار : إِذا سكن لهبها.


الصفحة التالية
Icon