﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ أي ألم يتفكروا ولم يعلموا ﴿ أَنَّ الله خَلَقَ السموات والأرض ﴾ من غير مادةٍ مع عظمهما ﴿ قَادِرٌ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ﴾ في الصغر على أن المِثْلَ مقحَمٌ والمرادُ بالخلق الإعادةُ كما عبر عنها بذلك حيث قيل : خلقاً جديداً ﴿ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ ﴾ عطف على أولم يروا فإنه في قوة قد رأوا، والمعنى قد علموا أن من قدَر على خلق السموات والأرضِ فهو قادرٌ على خلق أمثالِهم من الإنس وجعل لهم ولبعثهم أجلاً محققاً لا ريب فيه هو يومُ القيامة ﴿ فأبى الظالمون ﴾ وُضع موضعَ الضميرِ تسجيلاً عليهم بالظلم وتجاوزِ الحدّ بالمرة ﴿ إِلاَّ كُفُورًا ﴾ أي جحوداً.
﴿ قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبّى ﴾ خزائنَ رزقِه التي أفاضها على كافة الموجوداتِ، وأنتم مرتفعٌ بفعل يفسّره المذكورُ كقول حاتم
لو ذاتُ سِوارٍ لَطَمتْني... وفائدة ذلك المبالغةُ والدلالةُ على الاختصاص.
﴿ أَذِاً لأمْسَكْتُمْ ﴾ لبخِلتم ﴿ خَشْيَةَ الإنفاق ﴾ إذ ليس في الدنيا أحدٌ إلا وهو يختار النفعَ لنفسه، ولو آثر غيرَه بشيء فإنما يُؤثره لِعَوض يفوقه، فإذن هو بخيلٌ بالإضافة إلى جودِ الله سبحانه ﴿ وَكَانَ الإنسان قَتُورًا ﴾ مبالغاً في البخل لأن مبْنى أمرِه على الحاجة والضِّنّة بما يحتاج إليه وملاحظةِ العِوضِ بما يبذُله. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon