وقال الآلوسى :
﴿ وَمَن يَهْدِ الله ﴾
كلام مبتدأ غير داخل في حيز ﴿ قُلْ ﴾ يفصل ما أشار إليه الكلام السابق من مجازاة العباد لما أن علمه تعالى في مثل هذا الموضع مستعمل بمعنى المجازاة أي من يهد الله تعالى إلى الحق ﴿ فَهُوَ المهتد ﴾ إليه وإلى ما يؤدي إليه من الثواب أو المهتدي إلى كل مطلوب والأكثرون حذفوا ياء المهتدي ﴿ وَمَن يُضْلِلِ ﴾ يخلق فيه الضلال لسوء اختياره وقبح استعداده كهؤلاء المعاندين ﴿ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء ﴾ أي أنصاراً ﴿ مِن دُونِهِ ﴾ عز وجل يهدونهم إلى طريق الحق أو إلى طريق يوصلهم إلى مطالبهم الدنيوية والأخروية أو إلى طريق النجاة من العذاب الذي يستدعيه ضلالهم على معنى لن تجد لأحد منهم ولياً على ما يقتضيه قضية مقابلة الجمع بالجمع من انقسام الآحاد على الآحاد على ما هو المشهور وقيل قال سبحانه ﴿ أَوْلِيَاء ﴾ مبالغة لأن الأولياء إذا لم تنفعهم فكيف الولي الواحد، وضمير ﴿ لَهُمْ ﴾ عائد على من باعتبار معناه كما أن ﴿ هُوَ ﴾ عائد عليه باعتبار لفظه فلذا أفرد الضمير تارة وجمع أخرى.
وفي إيثار الأفراد والجمع فيما أوثرا فيه تلويح بوحدة طريق الحق وقلة سالكيه وتعدد سبل الضلال وكثرة الضلال، وذكر أبو حيان وتبعه بعضهم أن الجملة الثانية من المواضع التي جاء فيها الحمل على المعنى ابتداء من غير أن يتقدمه الحمل على اللفظ وهي قليلة في القرآن.
وتعقب ذلك الخفاجي بأنه لا وجه له فإنه حمل فيها الضمير على اللفظ أولاً إذ في قوله تعالى :﴿ يُضْلِلِ ﴾ ضمي محذوف مفرد إذ تقديره يضلله على الأصل وهو راجع إلى لفظ من فلا يقال إنه لم يتقدمه حمل على اللفظ ثم قال : وأغرب من ذلك ما قيل إنه قد يقال إن الحمل على اللفظ قد تقدمه في قوله سبحانه ﴿ مَن يَهْدِ الله ﴾ وإن كان في جملة أخرى اه.


الصفحة التالية
Icon