وقد قيل : إن في خبوّ النار تخفيفاً لعذاب أهلها، فكيف يجمع بينه وبين قوله :﴿ لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب ﴾ [ البقرة : ١٦٢ ] ؟ وأجيب بأن المراد بعدم التخفيف : أنه لا يتخلل زمان محسوس بين الخبوّ والتسعر، وقيل : إنها تخبو من غير تخفيف عنهم من عذابها.
﴿ ذلك ﴾ أي : العذاب ﴿ جَزَآؤُهُمْ ﴾ الذي أوجبه الله لهم واستحقوه عنده، والباء في قوله :﴿ بأنهم كفروا بآياتنا ﴾ للسببية أي : بسبب كفرهم بها فلم يصدّقوا بالآيات التنزيلية، ولا تفكّروا في الآيات التكوينية، واسم الإشارة مبتدأ وخبره ﴿ جزاؤهم ﴾، و ﴿ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ ﴾ خبر آخر، ويجوز أن يكون ﴿ جزاؤهم ﴾ مبتدأً ثانياً، وخبره ما بعده، والجملة خبر المبتدأ الأوّل.
﴿ وَقَالُواْ أَءذَا كُنَّا عظاما ورفاتا ﴾ الهمزة للإنكار، وقد تقدم تفسير الآية في هذه السورة، و ﴿ خلقاً ﴾ في قوله :﴿ أَءنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً ﴾ مصدر من غير لفظه أو حال أي : مخلوقين، فجاء سبحانه بحجة تدفعهم عن الإنكار وتردّهم عن الجحود.
فقال :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الذى خَلَقَ السموات والأرض *قَادِرٌ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ﴾ أي : من هو قادر على خلق هذا، فهو على إعادة ما هو أدون منه أقدر، وقيل : المراد أنه قادر على إفنائهم وإيجاد غيرهم، وعلى القول الأوّل يكون الخلق بمعنى الإعادة، وعلى هذا القول هو على حقيقته، وجملة :﴿ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ ﴾ عطف على ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ ﴾، والمعنى : قد علموا بدليل العقل أن من قدر على خلق السموات والأرض فهو قادر على خلق أمثالهم، لأنهم ليسوا بأشدّ خلقاً منهنّ كما قال :﴿ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السماء ﴾ [ النازعات : ٢٧ ].