﴿ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ ﴾ وهو الموت أو القيامة، ويحتمل أن تكون الواو للاستئناف، وقيل : في الكلام تقديم وتأخير، أي : أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه قادر على أن يخلق مثلهم ﴿ فأبى الظالمون إَلاَّ كُفُورًا ﴾ أي : أبى المشركون إلاّ جحوداً، وفيه وضع الظاهر موضع المضمر للحكم عليهم بالظلم ومجاوزة الحدّ.
ثم لما وقع من هؤلاء الكفار طلب إجراء الأنهار والعيون في أراضيهم لتتسع معايشهم، بيّن الله سبحانه أنهم لا يقنعون، بل يبقون على بخلهم وشحهم فقال :﴿ قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبّى ﴾ :﴿ أنتم ﴾ مرتفع على أنه فاعل فعل محذوف يفسره ما بعده، أي : لو تملكون أنتم تملكون على أن الضمير المنفصل مبدل من الضمير المتصل وهو الواو، وخزائن رحمته سبحانه : هي خزائن الأرزاق.
قال الزجاج : أعلمهم الله أنهم لو ملكوا خزائن الأرزاق لأمسكوا شحاً وبخلاً، وهو خشية الإنفاق، أي : خشية أن ينفقوا فيفتقروا، وفي حذف الفعل الذي ارتفع به أنتم، وإيراد الكلام في صورة المبتدأ والخبر دلالة على أنهم هم المختصون بالشحّ.
قال أهل اللغة : أنفق وأصرم وأعدم وأقتر بمعنى : قلّ ماله، فيكون المعنى : لأمسكتم خشية قلّ المال ﴿ وَكَانَ الإنسان قَتُورًا ﴾ أي : بخيلاً مضيقاً عليه.
يقال : قتر على عياله يقتر ويقتر قتراً وقتوراً : ضيق عليهم في النفقة، ويجوز أن يراد : وكان الإنسان قتوراً أي : قليل المال، والظاهر : أن المراد : المبالغة في وصفه بالشح، لأن الإنسان ليس بقليل المال على العموم.
بل بعضهم كثير المال، إلاّ أن يراد أن جميع النوع الإنساني قليل المال بالنسبة إلى خزائن الله وما عنده.
وقداختلف في هذه الآية على قولين : أحدهما أنها نزلت في المشركين خاصة، وبه قال الحسن، والثاني : أنها عامة وهو قول الجمهور، حكاه الماوردي.