وأما في حال النطق في الوصل فقرأها نافع وأبو عَمرو بإثبات الياء في الوصل وهو الوجه، ولذلك كتبوا الياء في مصاحفهم باللون الأحمر وجعلوها أدق من بقية الحروف المرسومة في المصحف تفرقة بينها وبين ما رسمه الصحابة كتّاب المصحف.
والباقون حذفوا الياء في النطققِ في الوصل إجراء للوصل مجرى الوقف.
وذلك وإن كان نادراً في غير الشعر إلا أن الفصحاء يُجرون الفواصل مجرى القوافي، واعتبروا الفاصلة كل جملة ثم بها الكلام، كما دل عليه تمثيل سيبويه في كتابه الفاصلة بقوله تعالى :﴿ والليل إذا يسر ﴾ [ الفجر : ٤ ] وقوله :﴿ قال ذلك ما كنا نبغ ﴾ [ الكهف : ٦٤ ].
وقد تقدم شيء من هذا عند قوله تعالى :﴿ عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ﴾ في سورة [ الرعد : ٩ ].
والخطاب في فلن تجد لهم أولياء من دونه } للنبيء ﷺ لأن هذا الكلام مسوق لتسليته على عدم استجابتهم له، فنفي وجدان الأولياء كناية عن نفي وجود الأولياء لهم لأنهم لو كانوا موجودين لوجدهم هو وعرفهم.
والأولياء : الأنصار، أي لن تجد لهم أنصاراً يخلصونهم من جزاء الضلال وهو العذاب.
ويجوز أن يكون الأولياء بمعنى متولي شأنهم، أي لن تجد لهم من يُصلح حالهم فينقلهم من الضلال كقوله تعالى :﴿ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ﴾ [ البقرة : ٢٥٧ ].
وجُمع الأولياء باعتبار مقابلة الجمع بالجمع، أي لن تجد لكل واحد ولياً ولا لجماعته ولياً، كما يقال : ركب القوم دوابهم.
ومن دونه } أي غيره.
ذكر المقصود من نفي الولي أو المَئال له بذكر صورة عقابهم بقوله :﴿ ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم ﴾ الآية.
والحشر : جمع الناس من مواضع متفرقة إلى مكان واحد.
ولما كان ذلك يستدعي مشيهم عدي الحشر بحرف ( على ) لتضمينه معنى ( يمشون.