وقد فهم الناس ذلك من الآية فسألوا النبي ﷺ كيف يمشون على وجوههم؟ فقال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم.
والمقصود من ذلك الجمعُ بين التشويه والتعذيب لأن الوجه أرق تحملاً لصلابة الأرض من الرجل.
وهذا جزاء مناسب للجرم، لأنهم روّجوا الضلالة في صورة الحق ووسموا الحق بسمات الضلال فكان جزاؤهم أن حولت وجوههم أعضاءَ مشي عِوضاً عن الأرجل.
ثم كانوا ﴿ عميا وبكما ﴾ جزاء أقوالهم الباطلة على الرسول وعلى القرآن، و ﴿ صمّاً ﴾ جزاء امتناعهم من سماع الحق، كما قال تعالى عنهم :﴿ وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ﴾ [ فصّلت : ٥ ].
وقال عنهم :﴿ قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ﴾ [ طه : ١٢٥ - ١٢٦ ]، وقال عنهم :﴿ ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى ﴾ [ الإسراء : ٧٢ ] أي من كان أعمى عن الحق فهو في الحشر يكون محروماً من متعة النظر.
وهذه حالتهم عند الحشر.
والمأوى محل الأوِيِّ، أي النزول بالمأوى.
أي المنزل والمقر.
وخبت النار خُبُوّاً وخَبْواً.
نقص لهيبها.
والسعير : لهب النار، وهو مشتق من سعّر النارَ إذا هيج وقودها.
وقد جرى الوصف فيه على التذكير تبعاً لتذكير اللهب.
والمعنى : زدناهم لهباً فيها.
وفي قوله : كلما خبت زدناهم سعيراً } إشكال لأن نار جهنم لا تخبو.
وقد قال تعالى :﴿ فلا يخفف عنهم العذاب ﴾ [ البقرة : ٨٦ ].
فعن ابن عباس : أن الكفرة وقود للنار قال تعالى :﴿ وقودها الناس والحجارة ﴾ [ البقرة : ٢٤ ] فإذا أحرقتهم النار زال اللهب الذي كان متصاعداً من أجسامهم فلا يلبثون أن يعادوا كما كانوا فيعود الالتهاب لهم.
فالخُبُوّ وازدياد الاشتعال بالنسبة إلى أجسادهم لا في أصل نار جهنم.


الصفحة التالية
Icon