ولما أريد هنا المماثلة في كل التفصيل إلى جميع السور في المعاني الصادقة، والنظوم الرائقة، كما دل عليه التعبير بالقرآن، زاد في التحدي قيد الاجتماع من الثقلين وصرف الهمم للتظاهر والتعاون والتظافر بخلاف ما مضى في السور السابقة، فقال تعالى مؤكداً باللام الموطئة للقسم لادعائهم أنهم لو شاؤوا أتوا بمثله، والجواب حينئذ للقسم، وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم :﴿لئن اجتمعت الإنس﴾ الذين تعرفونهم وتعرفون ما أتوا من البلاغة والحكمة والذين لا تعرفونهم، وقدمهم لسهولة اجتماعهم بهم ولأنهم عندهم الأصل في البلاغة ﴿والجن﴾ الذين يأتون كهانكم ويشجعون لهم ويعلمونهم ببعض المغيبات عنهم، وترك الملائكة لأنهم لا عهد لهم بشيء من كلامهم ﴿على أن يأتوا﴾ أي يجددوا إيتاءً ما في وقت ما في حال اجتماعهم ﴿بمثل هذا القرآن﴾ أي جميعه على ما هو عليه من التفصيل، وخصه بالإشارة تنبيهاً على أن ما يقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الله وحي من الله، ليس فيه شيء من عند نفسه، وأن المراد في هذا السياق المتحدى به الذي اسمه القرآن خاصة ﴿لا يأتون ﴾.


الصفحة التالية
Icon