ولما كانت هذه السورة مكية، فكان أكثر ما يمكن في هذه الآية أن يكون آخر المكي فيختص التحدي به، وكان المظهر إذا أعيد مضمراً أمكن فيه الخصوص، وكان المراد إنما هو الشمول، ومتى أريد الشمول استؤنف له إحاطة باستئناف إظهار محيط كما يأتي عن الحرالي في أواخر سورة الكهف، لم يقل هنا " به " لذلك، ولئلا يظن أنه يعود على القرآن لا على مثله، بل أظهر فقال دالاً على أن المراد جميع المكي والمدني :﴿بمثله﴾ أي لا مع التقيد بمعانيه الحقة الحكيمة حتى يأتوا بكلام في أعلى طبقات البلاغة، مبيناً لأحسن المعاني بأوضح المباني، ولا مع الانفكاك عنها إلى معانٍ مفتراة ؛ ثم أوضح أن المراد الحكم لعجزهم مجتمعين ومنفردين متظاهرين وغير متظاهرين فقال تعالى :﴿ولو﴾ ولما كان المكلفون مجبولين على المخالفة وتنافي الأغراض قال تعالى :﴿كان﴾ أي جبلة وطبعاً على خلاف العادة ﴿بعضهم لبعض ظهيراً﴾ أي معيناً بضم أقوى ما فيه إلى أقوى ما في صاحبه، وقد تقدم في السور المذكور فيها التحدي ما يتم هذا المعنى.


الصفحة التالية
Icon