وهذا كثير، قال الزهراوي : معناه بالواجب الذي هو المصلحة والسداد للناس ﴿ بالحق ﴾ في نفسه، وقوله ﴿ وبالحق نزل ﴾، يريد ﴿ بالحق ﴾ في أوامره ونواهيه وأخباره فبهذا التأويل يكون تكرار اللفظ لمعنى غير الأول، وذهب الطبري إلى أنهما بمعنى واحد، أي بأخباره وأوامره وبذلك نزل، وقوله ﴿ وقرآناً ﴾ مذهب سيبويه أن نصبه بفعل مضمر يفسره الظاهر بعد، أي " وفرقنا قرآناً " ويصح أن يكون معطوفاً على الكاف في ﴿ أرسلناك ﴾ من حيث كان إرسال هذا وإنزال هذا المعنى واحد، وقرأ جمهور الناس " فرَقناه " بتخفيف الراء، ومعناه بيناه وأوضحناه وجعلناه فرقاناً، وقرأ ابن عباس وقتادة وأبو رجاء وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي بن كعب والشعبي والحسن بخلاف، وحميد وعمرو بن فائد " فرّقناه " بتشديد الراء، إلا أن في قراءة ابن مسعود وأبيّ " فرقناه عليه لتقرأه " أي أنزلناه شيئاً بعد الشيء لا جملة واحدة ويتناسق هذا المعنى مع قوله ﴿ لتقرأه على الناس على مكث ﴾، وهذا كان مما أراد الله من نزوله بأسباب تقع في الأرض من أقوال وأفعال في أزمان محدودة معينة، واختلف أهل العلم في كم القرآن من المدة؟ فقيل : في خمس وعشرين سنة، وقال ابن عباس : في ثلاث وعشرين سنة، وقال قتادة في عشرين سنة، وهذا بحسب الخلاف في سن رسول الله ﷺ، وذلك أن الوحي بدأ وهو ابن أربعين، وتم بموته، وحكى الطبري عن الحسن البصري أنه قال : نزل القرآن في ثمان عشرة سنة، وهذا قول يختل لا يصح عن الحسن والله أعلم، وتأولت فرقة قوله عز وجل ﴿ على مكث ﴾ أي على ترسل في التلاوة، وهو ترتيل، هذا قول مجاهد وابن عباس وابن جريج وابن زيد، والتأويل الآخر أي ﴿ على مكث ﴾ وتطاول في المدة شيئاً بعد شيء، وقوله ﴿ ونزلناه تنزيلاً ﴾ مبالغة وتأكيد بالمصدر للمعنى المتقدم ذكره في ألفاظ الآية، ، وأجمع القراء على ضم الميم من ﴿ مُكث ﴾، ويقال مَكث ومِكث بفتح الميم


الصفحة التالية
Icon