و حبري تبّع المار ذكره في الآية ٣٧ من الدخان المارة وقول خاتم الرسل المار ذكره أكبر برهان على ذلك، "إِلَى الْمَدِينَةِ" هي اخنوس ويطلق عليها الآن طرطوس وهي غير طرطوس اللاذقية "فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً" أي الباعة الذي طعامه زكيّ حلال نظيف "فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ" لنأكله "وَلْيَتَلَطَّفْ" في مشيه وحركته ويلين الكلام مع أهل المدينة من باعة الطعام وغيرهم، ويترفق بمن يكلمه أثناء ذهابه وإيابه وشرائه ومن يعامله أو يسأله ويستر حاله ويكتم شأنه "وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً" ١٩ من أهل المدينة وغيرها ولا بما كان لنا مع ملكها، ولا عما نحن فيه الآن "إِنَّهُمْ" الكفرة من أهلها "إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ" أيها الإخوان ويعرفوا مكانكم ويطلعوا على قصتكم "يَرْجُمُوكُمْ" بالحجارة حتى تموتوا شر موتة وأعيبها "أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ" التي هربنا منها وصرنا إلى ما نحن فيه من أجلها "وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً" إن عدتم إلى الكفر بعد إذ نجاكم اللّه منه "أَبَداً" ٢٠ لا في الدنيا ولا في الآخرة، إذ يستعبدونكم في الدنيا ويسترقونكم فلا يتيسر لكم الخلاص منهم والرجوع بالتوبة إلى ربكم فتموتمون على ملتهم، وفي الآخرة تردون إلى عذاب النار.
وقد بالغ خطيبهم رحمه اللّه في تحذيرهم ونصحهم بما لا مزيد عليه، مما يدل على صدق إيمانه بربه وزهده بدنياه طمعا بآخرته، وإن إصغاءهم لمرشدهم دليل على أنهم كلهم ذلك الرجل.


الصفحة التالية
Icon