قال تعالى "هُنالِكَ" في ذلك المقام مقام نزول الهلاك وإيقاع الهوان وصبّ العذاب "الْوَلايَةُ" الحقيقية بكسر الواو بمعنى السلطان والملك وبفتحها النصرة والتولي "لِلَّهِ الْحَقِّ" وحده لا يملكها غيره فلا حائل يحول دون تنفيذها ولا مانع يمنع وقوعها "هُوَ خَيْرٌ ثَواباً" لأهل طاعته "وَخَيْرٌ عُقْباً" ٤٤ بضم القاف وسكونها وعلى وزن فعلى شاذا وكلّها بمعنى العاقبة، ضرب اللّه تعالى هذا المثل بمناسبة الآية المتقدمة النازلة بحق عيينة بن حصن الفزاري وأصحابه المار ذكرهم وفقراء المسلمين سلمان وأصحابه، وذلك أن رجلين من بني إسرائيل ورثا ثمانية آلاف دينار فاقتسماها بينهما، فأما أحدهما فتزوج بألف وبنى قصرا بألف وشرى جنة بألف واشترى متاعا وخدما بألف واسمه قطروس، وأما الآخر واسمه يهوذا فتصدق بها وطلب ثوابها جنة وقصرا وزوجة ومتاعا وخدما في جنته، فأصابته حاجة فتعرض إلى صاحبه، فقال له ما فعلت بمالك ؟ فأخبره الخبر، فقال له وإنك لمن المصدقين بأنك تثاب وتعطى وأنك تبعث ؟ قال نعم، فقال واللّه لا أعطيك شيئا ما دامت هذه عقيدتك، فقال واللّه لا أحول عنها أبدا، وسيغنيني اللّه عنك ويرديك، فأنزل اللّه هذه الآية بحقهما وهذان هما المشار إليهما في الآية ٥٠ من سورة الصافات المارة لا المشار إليها في سورة نون ج ١، تأمل.
مطلب مثل الدنيا وتمثيل الأعمال بمكانها وزمانها ونطقها يوم القيامة كما في السينما :