روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال : قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بموعظة فقال : أيها الناس إنكم تحشرون إلى اللّه حفاة عراة غرلا (قلقا) - لأن الغرلة القطعة التي تقطع من جلدة الذكر وهي موضع الختان - كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين، ألا وان أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول يا رب أصحابي، فيقول إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح - يريد عيسى عليه السلام - :(وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم) إلى قوله (العزيز الحكيم)، قال فيقال لي إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، زاد في رواية فأقول سحقا سحقا.
قال بعض العلماء المراد بهم - واللّه أعلم - هم الذين ارتدوا بعده ومنعوا الزكاة من العرب، ولكن الحديث عام فيشمل هؤلاء وغيرهم من أمثالهم، وان من خصّه فيهم استنبط اختصاصه من قوله صلّى اللّه عليه وسلم (أصحابي) إذ لا يسمى صاحبا إلا من شاهد حضرة الرسول أو شاهده الرسول ليدخل الأعمى ومات على ذلك "وَوُضِعَ الْكِتابُ" أل فيه للجنس إذا أريد به أهل اليمين
وأهل الشمال، وظاهر ما بعده تخصيصه بأهل الشمال فقط، فتكون أل فيه للعهد أي الكتاب المعهود الذي فيه صحف أعمالهم، قال صاحب الجوهرة في منظومته :
وواجب أخذ العباد الصحفا كما من القرآن نصا عرفا
وقال بدء الأمالي :
وتعطى الكتب بعضا نحو يمنى وبعضا نحو ظهر أو شمال


الصفحة التالية
Icon