فصل


قال الفخر :
﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾
اعلم أن معنى قوله :﴿وَتَحْسَبُهُمْ﴾ على ما ذكرناه في قوله :﴿وَتَرَى الشمس﴾ [ الكهف : ١٧ ] أي لو رأيتهم لحسبتهم ﴿أَيْقَاظًا﴾ وهو جمع يقظ ويقظان قاله الأخفش وأبو عبيدة والزجاج وأنشدوا لرؤبة :
ووجدوا إخوانهم أيقاظاً.. ومثله قوله نجد ونجدان وأنجاد، وهم رقود أي نائمون وهو مصدر سمي المفعول به كما يقال قوم ركوع وقعود وسجود يوصف الجمع بالمصدر، ومن قال إنه جمع راقد فقد أبعد لأنه لم يجمع فاعل على فعول، قال الواحدي : وإنما يحسبون ﴿أَيْقَاظًا﴾ لأن أعينهم مفتحة وهم نيام وقال الزجاج لكثرة تقلبهم يظن أنهم أيقاظ، والدليل عليه قوله تعالى :﴿وَنُقَلّبُهُمْ ذَاتَ اليمين وَذَاتَ الشمال﴾ واختلفوا في مقدار مدة التقليب فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن لهم في كل عام تقليبتين وعن مجاهد يمكثون على أيمانهم تسع سنين ثم يقلبون على شمائلهم فيمكثون رقوداً تسع سنين وقيل لهم تقليبة واحدة في يوم عاشوراء.
وأقول هذه التقديرات لا سبيل للعقل إليها، ولفظ القرآن لا يدل عليه، وما جاء فيه خبر صحيح فكيف يعرف ؟ وقال ابن عباس رضي الله عنهما فائدة تقليبهم لئلا تأكل الأرض لحومهم ولا تبليهم.


الصفحة التالية
Icon