وأقول هذا عجيب لأنه تعالى لما قدر على أن يمسك حياتهم مدة ثلثمائة سنة وأكثر فلم لا يقدر على حفظ أجسادهم أيضاً من غير تقليب ؟ وقوله :﴿ذَاتُ﴾ منصوبة على الظرف لأن المعنى ﴿نقلبهم﴾ في ناحية ﴿اليمين﴾ أو على ناحية ﴿اليمين﴾ كما قلنا في قوله :﴿تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليمين﴾ وقوله :﴿وَكَلْبُهُمْ باسط ذِرَاعَيْهِ﴾ قال ابن عباس وأكثر المفسرين قالوا إنهم هربوا ليلاً من ملكهم، فمروا براع معه كلب فتبعهم على دينهم ومعه كلبه، وقال كعب مروا بكلب فنبح عليهم فطردوه فعاد ففعلوا مراراً، فقال لهم الكلب ما تريدون مني لا تخشوا جانبي أنا أحب أحباء الله فناموا حتى أحرسكم، وقال عبيد بن عمير كان ذلك كلب صيدهم ومعنى :﴿باسط ذِرَاعَيْهِ﴾ أي يلقيهما على الأرض مبسوطتين غير مقبوضتين، ومنه الحديث في الصلاة :" أنه نهى عن افتراش السبع " وقال :" لا تفترش ذراعيك افتراش السبع " قوله :﴿بالوصيد﴾ يعني فناء الكهف قال الزجاج الوصيد فناء البيت وفناء الدار وجمعه وصائد ووصد، وقال يونس والأخفش والفراء الوصيد والأصيد لغتان مثل الوكاف والإكاف، وقال السدي :﴿الوصيد﴾ الباب والكهف لا يكون له باب ولا عتبة وإنما أراد أن الكلب منه بموضع العتبة من البيت، ثم قال :﴿لَوِ اطلعت عَلَيْهِمْ﴾ أي أشرفت عليهم يقال اطلعت عليهم أي أشرفت عليهم، ويقال أطلعت فلاناً على الشيء فاطلع وقوله :﴿لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا﴾ قال الزجاج قوله :﴿فِرَاراً﴾ منصوب على المصدر لأن معنى وليت منهم فررت :﴿وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾ أي فزعاً وخوفاً قيل في التفسير طالت شعورهم وأظفارهم وبقيت أعينهم مفتوحة وهم نيام، فلهذا السبب لو رآهم الرائي لهرب منهم مرعوباً، وقيل : إنه تعالى جعلهم بحيث كل من رآهم فزع فزعاً شديداً، فأما تفصيل سبب الرعب فالله أعلم به.


الصفحة التالية
Icon