﴿إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً﴾ [ التوبة : ٨٠ ] وإذا كان كذلك فإذا وصلوا إلى الثمانية ذكروا لفظاً يدل على الاستئناف، فقالوا وثمانية، فجاء هذا الكلام على هذا القانون، قالوا : ويدل عليه نظيره في ثلاث آيات، وهي قوله :﴿والناهون عَنِ المنكر﴾ [ التوبة : ١١٢ ] لأن هذا هو العدد الثامن من الأعداد المتقدمة وقوله :﴿حتى إِذَا جَاءوهَا وَفُتِحَتْ أبوابها﴾ [ الزمر : ٧٣ ] لأن أبواب الجنة ثمانية، وأبواب النار سبعة، وقوله :﴿ثيبات وَأَبْكَاراً﴾ [ التحريم : ٥ ] هو العدد الثامن مما تقدم، والناس يسمون هذه الواو واو الثمانية، ومعناه ما ذكرناه، قال القفال : وهذا ليس بشيء، والدليل عليه قوله تعالى :﴿هُوَ الله الذى لاَ إله إِلاَّ هُوَ الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر﴾ [ الحشر : ٢٣ ] ولم يذكر الواو في النعت الثامن، ثم قال تعالى :﴿قُل رَّبّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾ وهذا هو الحق، لأن العلم بتفاصيل كائنات العالم والحوادث التي حدثت في الماضي والمستقبل لا تحصل إلا عند الله تعالى، وإلا عند من أخبره الله عنها، وقال ابن عباس أنا من أولئك القليل، قال القاضي : إن كان قد عرفه ببيان الرسول صح، وإن كان قد تعلق فيه بحرف الواو فضعيف، ويمكن أن يقال : الوجوه السبعة المذكورة وإن كانت لا تفيد الجزم إلا أنها تفيد الظن، واعلم أنه تعالى لما ذكر هذه القصة أتبعه بأن نهى رسوله عن شيئين، عن المراء والاستفتاء، أما النهي عن المراء، فقوله :﴿فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآء ظاهرا﴾ والمراد من المراء الظاهر أن لا يكذبهم في تعيين ذلك العدد، بل يقول : هذا التعيين لا دليل عليه، فوجب التوقف وترك القطع.