وقال الشيخ الشنقيطى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (٣٠) ﴾
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن من عمل صالحاً وأحسن في عمله أنه جل وعلا لا يضيع أجره، أي جزاء عمله : بل يجازي بعمله الحسن الجزاء الأوفى.
وبين هذا المعنى فيآيات كثيرة جداً، كقوله تعالى :﴿ فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى ﴾ [ آل عمران : ١٩٥ ]. وقوله تعالى :﴿ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ وَأَنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المؤمنين ﴾ [ آل عمران : ١٧١ ] وقوله ﴿ هَلْ جَزَآءُ الإحسان إِلاَّ الإحسان ﴾ [ الرحمن : ٦٠ ] الآيات الدلة على هذه المعنى كثيرة جداً. وفي هذا المعنى الكريمة سؤلان معروفان عند العلماء :
الأول - أن يقال أين خبر " إن " في قوله تعالى ﴿ إِنَّ الذين آمَنُواْ ﴾ الآية؟ فإذا قيل : خبرها جملة ﴿ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ﴾ توجه السؤال.
الثاني - وهو أن يقال : أين رابط الجملة الخبرية بالمبتدأ الذي هو اسم " إن "؟.
اعلم أن خبر " إن " في قوله :﴿ إِنَّ الذين آمَنُواْ ﴾ قيل هو جملة ﴿ أولئك لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾ [ الكهف : ٣١ ] وعليه فقوله :﴿ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ﴾ جملة اعتراضية. وعلى هذا فالرابط موجود ولا إشكال يه. وقيل :" إن " الثانية واسمها وخبرها، كل ذلك خبر " إن " الأولى. ونظير الآية من القرآن في الإخبار عن " إن " ب " إن " وخبرها واسمها قوله تعالى في سورة " الحج " :﴿ إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة ﴾ [ الحج : ١٧ ] الآية، وقول الشاعر :
إن الخليفة إن الله ألبسه... سربال به ترجى الخواتيم