" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (٣٠) ﴾
قوله :﴿ إِنَّا لاَ نُضِيعُ ﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ خبرَ ﴿ إِنَّ الذين ﴾ والرابطُ : إمَّا تَكَرُّرُ الظاهرِ بمعناه، وهو قولُ الأخفش. ومثلُه في الصلة / جائزٌ. ويجوز ان يكونَ الرابطُ محذوفاً، أي : منهم، ويجوز أن يكونَ الرابطُ العمومَ، ويجوز أن يكونَ الخبرُ قولَه :﴿ أولئك لَهُمْ جَنَّاتُ ﴾، ويكونَ قولُه :﴿ إِنَّا لاَ نُضِيعُ ﴾ اعتراضاً. قال ابن عطية : ونحوُه في الاعتراض قولُه :

٣١٥٢- إنَّ الخليفةَ إنَّ اللهَ أَلْبَسَه سِرْبالَ مُلْكٍ به تُزْجى الخواتِيمُ
قال الشيخ :" ولا يتعيَّنُ أن يكونَ " إنَّ اللهَ ألبسَه " اعتراضاً لجوازِ أَنْ يكونَ خبراً عن " إنَّ الخليفة ". قلت : وابن عطيةَ لم يَجْعَلْ ذلك متعيِّناً بذلك هو نحوه في أحد الجائزين فيه. ويجوز أن تكون الجملتان - أعني قولَه ﴿ إِنَّا لاَ نُضِيعُ ﴾ وقولَه ﴿ أولئك لَهُمْ جَنَّاتُ ﴾ - خَبَريْن ل " إنَّ " عند مَنْ يرى جوازَ ذلك، أعني تعدُّدَ الخبر، وإنْ لم يكونا في معنى خبرٍ واحد.
وقرأ الثقفيُّ " لا نُضَيِّع " بالتشديدِ، عَدَّاه بالتشديد كما عَدَّاه الجمهورُ بالهمزة.
﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ﴾
قوله :﴿ مِنْ أَسَاوِرَ ﴾ : في " مِنْ " هذه أربعةُ أوجه، أحدُها : أنَّها للابتداءِ. والثاني : أنها للتعيض. والثالث : أنها لبيان الجنسِ، لأي : شيئاً مِنْ أساور. والرابع : أنها زائدةٌ عند الأخفش، ويَدُلُّ عليه قولُه :﴿ وحلوا أَسَاوِرَ ﴾ [ الإِنسان : ٢١ ]. ذكر هذه الثلاثةَ الأخيرةَ أبو البقاء.


الصفحة التالية
Icon