قَوْله تَعَالَى :﴿ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ﴾ مَعْنَاهُ : لِيَظْهَرَ الْمَعْلُومُ فِي اخْتِلَافِ الْحِزْبَيْنِ فِي مُدَّةِ لَبْثِهِمْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِبْرَةِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ لَوْ اطَّلَعْت عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْت مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْت مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾ قِيلَ فِيهِ وُجُوهٌ : أَحَدُهَا : مَا أَلْبَسَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْهَيْبَةِ لِئَلَّا يَصِلَ إلَيْهِمْ أَحَدٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فِيهِمْ وَيَنْتَبِهُوا مِنْ رَقْدَتِهِمْ، وَذَلِكَ وَصْفُهُمْ فِي حَالِ نَوْمِهِمْ لَا بَعْدَ الْيَقَظَةِ.
وَالثَّانِي : أَنَّهُمْ كَانُوا فِي مَكَان مُوحِشٍ مِنْ الْكَهْف أَعْيُنِهِمْ مَفْتُوحَةٌ يَتَنَفَّسُونَ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ.
وَالثَّالِثُ : أَنَّ أَظْفَارَهُمْ وَشُعُورُهُمْ طَالَتْ فَلِذَلِكَ يَأْخُذُ الرُّعْبُ مِنْهُمْ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ﴾ لَمَّا حَكَى اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ غَيْرَ مُنْكِرٍ لِقَوْلِهِمْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا مُصِيبِينَ فِي إطْلَاقِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مَصْدَرَهُ إلَى مَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ مِقْدَارِ اللَّبْثِ وَفِي اعْتِقَادِهِمْ لَا عَنْ حَقِيقَةِ اللَّبْثِ فِي الْمَغِيبِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي قَوْلِهِ :﴿ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ﴾ وَلَمْ يُنْكِرْ اللَّهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا عِنْدَهُ وَفِي اعْتِقَادِهِ لَا عَنْ مَغِيبِ أَمْرِهِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْخَضِرِ :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ وَ ﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إمْرًا ﴾ يَعْنِي : عِنْدِي كَذَلِكَ.


الصفحة التالية
Icon