فأخبر أنه بوأهم كهفاً مستقبلاً بنات نعش، والشمس تميل عنه وتستدير طالعة وغاربة، ولا تدخل عليهم فتؤذيهم، ولا يحلفهم سمومها فيغير ألوانهم وأبدانهم، وكانوا في متسع منه ينالهم نسيم الريح، وينفس عنهم غمة الغار، وكربه.
الغمة الهواء العفن، ويجوز الرفع النصب.
﴿ ذلك مِنْ آيات الله ﴾، أي ذلك الخبر والذكر ؛ ويقال : ذلك الذي فعل بهم واختار لهم المكان الموافق من عجائب الله ولطفه وكرمه.
﴿ مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد ﴾، أي من يوفقه الله للهدى فهو المهتدي.
﴿ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّا مُّرْشِدًا ﴾، أي موفقاً يرشده إلى التوحيد.
قرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر :﴿ مّنْ أَمْرِكُمْ مّرْفَقًا ﴾ بنصب الميم وكسر الفاء، والباقون بكسر الميم ونصب الفاء ﴿ مّرْفَقًا ﴾، ومعناهما واحد وهو ما يرتفق به ؛ وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو :﴿ تَّزَاوَرُ ﴾ بتشديد الزاي مع الألف، لأن أصله تتزاور أي : تميل، فأدغم وشدد الزاي، وقرأ ابن عامر ﴿ تَزْورُّ ﴾ بجزم الزاي وتشديد الراء ؛ ومعنى ذلك كله واحد وهو الميل، ويجوز الرفع والنصب.
﴿ مُّرْشِدًا وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ﴾ لأن عيونهم مفتحة ؛ ويقال : من كثرة تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال.
﴿ وَنُقَلّبُهُمْ ذَاتَ اليمين وَذَاتَ الشمال ﴾ ؛ وذلك أن جبريل عليه السلام كان يقلبهم في كل سنة مرة ؛ لكيلا تأكل الأرض لحومهم ؛ وهو قول ابن عباس ؛ وقال مجاهد : مكثوا ثلاثمائة عام على شق واحد وقلبوا في التسع سنين.
﴿ وَكَلْبُهُمْ باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد ﴾، أي مَاداً ذراعيه بفناء الباب.
﴿ لَوِ اطلعت عَلَيْهِمْ لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا ﴾، أي لو هجمت عليهم اليوم، لأدبرت فراراً من هيئتهم.


الصفحة التالية
Icon