ثم قال تعالى :﴿ وَقُلْ عسى أَن يَهْدِيَنِى رَبّى ﴾، أي يرشدني ﴿ لاِقْرَبَ ﴾، أي لأسرع ﴿ مّنْ هذا ﴾ الميعاد الذي وعدت لكم، ﴿ رَشَدًا ﴾ ؛ أي صواباً ؛ وهذا قول مقاتل ؛ وقال الزجاج : معناه عسى ربي أن يعطيني من الآيات والدلائل على النبوة، ما يكون أقرب في الرشد وأدل على قصة أصحاب الكهف.
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ﴿ أَن يَهْدِيَنِى ﴾ بالياء عند الوصل، وقرأ الباقون بحذف الياء.
﴿ وَلَبِثُواْ فِى كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةِ سِنِينَ وازدادوا تِسْعًا ﴾، قرأ حمزة والكسائي ﴿ ثلاث مِاْئَةِ ﴾ بشسكسر الهاء بغير تنوين على معنى الإضافة ؛ وقرأ الباقون بالتنوين.
﴿ لَهُ غَيْبُ السموات والأرض ﴾، أي عالم بما لبثوا في رقودهم ؛ وقال الكلبي :﴿ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ﴾، أي هو عالم بقصة أصحاب الكهف وغيرهم.
﴿ مَا لَهُم مّن دُونِهِ مِن وَلِىّ ﴾ ؛ أي أصحاب الكهف.
﴿ وَلاَ يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾ ؛ قرأ ابن عامر ﴿ وَلاَ تُشْرِكُواْ ﴾ بالتاء على معنى المخاطبة، وقرأ الباقون بالياء، ومعناه أنه قد جرى ذكر علمه وقدرته، وأعلم أنه لا يشرك في حكمه أحداً.
كما قال :﴿ عالم الغيب فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ﴾ [ الجن : ٢٦/٢٧ ]، ومن قرأ بالتاء يقول : لا تنسبن أحداً إلى عالم الغيب، ومعناه أنه لا يجوز لأحد أن يحكم بين رجلين بغير حكم الله، فيما حكم أو دل عليه حكم الله ؛ فليس لأحد أن يحكم من ذات نفسه.
﴿ واتل مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ ﴾، يقول : اقرأ عليهم الذي أنزل إليك ﴿ مِن كتاب رَبّكَ ﴾، يعني : القرآن.
﴿ لاَ مُبَدّلَ لكلماته ﴾ ؛ يقول : لا مغير لنزول القرآن ولا خلف له ؛ ويقال : ولا ينقص منه ولا يزاد فيه.


الصفحة التالية
Icon