وخرج عن أبي أمامة عن النبيّ ﷺ في قوله :﴿ ويُسْقَى مِن ماءٍ صَدِيدٍ يتجرعه ﴾ [ إبراهيم : ١٦-١٧ ] قال :" يقرّب إلى فيه فيَكرهه فإذا أدْنِيَ منه شوَى وجهه ووقعت فَروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره " يقول الله تعالى ﴿ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ ﴾ [ محمد : ١٥ ] يقول ﴿ وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كالمهل يَشْوِي الوجوه بِئْسَ الشراب وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً ﴾ " قال : حديث غريب.
قلت : وهذا يدل على صحة تلك الأقوال، وأنها مرادة، والله أعلم.
وكذلك نص عليها أهل اللغة.
في الصحاح "المهل" النحاس المُذاب.
ابن الأعرابي : المهل المذاب من الرصاص.
وقال أبو عمرو : المهل درديّ الزيت.
والمهل أيضاً القيح والصديد.
وفي حديث أبي بكر : ادفنوني في ثَوْبَيّ هذين فإنهما للمهل والتراب.
و﴿ مُرْتَفَقاً ﴾ قال مجاهد : معناه مجتمعاً ؛ كأنه ذهب إلى معنى المرافقة.
ابن عباس : منزلاً.
عطاء : مقرا.
وقيل مهادا.
وقال القتَبيّ : مجلسا.
والمعنى متقارب ؛ وأصله من المتّكأ، يقال منه : ارتفقت أي اتكأت على المرفق.
قال الشاعر :
قالت له وارتفقت ألاَ فتًى...
يسوق بالقوم غَزالاتِ الضُّحا
ويقال : ارتفق الرجل إذا نام على مِرفقه لا يأتيه نوم.
قال أبو ذُؤيب الهُذَليّ :
نام الخَليّ وبِتُّ الليل مُرْتَفِقا...
كأنّ عَيْنِيَ فيها الصّاب مَذبُوحُ
الصاب : عصارة شجر مرّ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon