وقال عبيد بن عمير : كان أصحاب الكهف فتياناً مطوّقين مسوّرين ذوي ذوائب، وكان معهم كلب صيدهم، فخرجوا في عيد لهم عظيم في زيّ وموكب وأخرجوا معهم آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، وقد قذف الله في قلوب الفتية الإيمان وكان أحدهم وزير الملك فآمنوا، وأخفى كل واحد منهم الاِيمان عن صاحبه فقالوا في أنفسهم من غير أن يظهر بعضهم لبعض : نخرج من بين أظهر هؤلاء القوم لا يصيبنا عقاب بجرمهم، فخرج شاب منهم حتى انتهى إلى ظل شجرة فجلس فيه، ثمّ خرج آخر فرآه جالساً وحده، فرجا أن يكون على مثل أمره من غير أن يظهر ذلك، فجلس إليه ثمّ خرج الآخرون فجاؤوا فجلسوا إليهما، فاجتمعوا وقال بعضهم لبعض : ما جمعكم، وكل واحد يكتم إيمانه على صاحبه مخافة على نفسه؟ ثمّ قالوا : ليخرج كل فتيين منكم فيخلوَا ثمّ ليفششِ كل واحد منكم إلى صاحبه.
فخرج فتيان منهم فتواقفا ثمّ تكلّما فذكر كل واحد منهما أمره لصاحبه، فأقبلا مستبشرين إلى أصحابهما فقالا : قد اتفقنا على أمر واحد. فإذا هم جميعاً على الإيمان، وإذا كهف في الجبل قريب منهم، فقال بعضهم لبعض :﴿ فَأْوُوا إِلَى الكهف يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً ﴾. فدخلوا ومعهم كلب صيد، فناموا ﴿ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وازدادوا تِسْعاً ﴾.
قال : وفقدهم قومهم، وطلبوهم فعمّى الله عليهم آثارهم وكهفهم، فلما لم يقدموا كتب أحدهم في لوح : فلان وفلان أبناء ملوكنا، فقدناهم في شهر كذا من سنة كذا في مملكة فلان بن فلان. ووضعوا اللوح في خزانة الملك وقالوا : ليكوننّ لهذا شأن. ومات ذلك الملك، وجاء قرن بعد قرن.
وقال وهب بن منبّه : جاء أحد حواريّ عيسى بن مريم ( عليه السلام ) الى مدينة أصحاب الكهف، فأراد أن يدخلها، فقيل له : إن على بابها صنماً لا يدخلها أحد إلاّ سجد له.


الصفحة التالية
Icon