وكذلك سائر الملوك في الدنيا يلبسهم التيجان ونحوها من العلامات المرصعة بالجواهر خدمهم، وأسند اللبس إليهم لأن الإنسان يتعاطى ذلك بنفسه خصوصاً إذا كان فيه ستر العورة، وقيل : بنى الأول للمفعول والثاني للفاعل إشارة إلى أن التحلية تفضل من الله تعالى واللبس استحقاقهم.
وتعقب بأن فيه نزغة اعتزالية ويدفع بالعناية ﴿ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا على الارائك ﴾ جمع أريكة كما قال غير واحد وهو السرير في الحجلة فإن لم يكن فيها فلا يسمى أريكة.
وأخرج ذلك البيهقي عن ابن عباس، وقال الراغب : الأريكة حجلة على سرير وتسميتها بذلك إما لكونها في الأرض متخذة من أراك وهو شجر معروف أو لكونها مكاناً للإقامة من قولهم أرك بالمكان أروكا، وأصل الأروك الإقامة على رعى الإراك ثم تجوز به في غيره من الإقامات، وروي تفسيرها بذلك عن عكرمة.
وقال الزجاج : الارائك الفرش في الحجال ؛ والظاهر أنها على سائر الأقوال عربية، وحكى ابن الجوزي في فنون الافنان أنها الشرر بالحبشية، وأيا ما كان فالكلام على ما قاله بعض المحققين كناية عن تنعمهم وترفههم فإن الاتكاء على الأرائك شأن المتنعمين المترفهين، والآثار ناطقة بأنهم يتكؤون ويتنعمون، فقد أخرج ابن أبي حاتم عن الهيثم بن مالك الطائي أن رسول الله ﷺ قال :" إن الرجل ليتكىء المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول منه ولا يمله يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه " وأخرج ابن المنذر.
وجماعة عن ابن عباس أن على الأرائك فرشا منضودة في السماء مقدار فرسخ.
وقرأ ابن محيصن ﴿ علرائك ﴾ بنقل حركة الهمزة إلى لام التعريف وإدغام لام ﴿ على ﴾ فيها فيحذف ألف ﴿ على ﴾ لتوهم سكون لام التعريف، ومثله قول الشاعر :
فما أصبحت علرض نفسي برية...
يريد على الأرض.
﴿ نِعْمَ الثواب ﴾ ذلك الذي وعدوا به من الجنة ونعيمها ﴿ وَحَسُنَتْ ﴾ أي الأرائك أو الجنات ﴿ مُرْتَفَقًا ﴾ متكئاً، وقد تقدم آنفاً الكلام فيه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon