وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ واتل مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ ﴾
أمره الله سبحانه أن يواظب على تلاوة الكتاب الموحى إليه، قيل : ويحتمل أن يكون معنى قوله :﴿ واتل ﴾ : واتبع، أمراً من التلوّ، لا من التلاوة، و ﴿ مِن كتاب رَبّكَ ﴾ بيان للذي أوحي إليه ﴿ لاَ مُبَدّلَ لكلماته ﴾ أي : لا قادر على تبديلها وتغييرها، وإنما يقدر على ذلك هو وحده.
قال الزجاج : أي ما أخبر الله به وما أمر به فلا مبدّل له، وعلى هذا يكون التقدير : لا مبدّل لحكم كلماته ﴿ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴾ الملتحد : الملتجأ، وأصل اللحد : الميل، قال الزجاج : لن تجد معدلاً عن أمره ونهيه، والمعنى : أنك إن لم تتبع القرآن وتتله وتعمل بأحكامه لن تجد معدلاً تعدل إليه ومكاناً تميل إليه.
وهذه الآية آخر قصة أهل الكهف.
ثم شرح سبحانه في نوع آخر كما هو دأب الكتاب العزيز فقال :﴿ واصبر نَفْسَكَ مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُم ﴾ قد تقدّم في الأنعام نهيه ﷺ عن طرد فقراء المؤمنين بقوله :﴿ وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ﴾ [ الأنعام : ٥٢ ] وأمره سبحانه ههنا بأن يحبس نفسه معهم، فصبر النفس هو حبسها، وذكر الغداة والعشي كناية عن الاستمرار على الدعاء في جميع الأوقات، وقيل : في طرفي النهار، وقيل المراد : صلاة العصر والفجر.
وقرأ نصر بن عاصم ومالك بن دينار وأبو عبد الرحمن وابن عامر ( بالغدوة ) بالواو، واحتجوا بأنها في المصحف كذلك مكتوبة بالواو.
قال النحاس : وهذا لا يلزم لكتبهم الحياة والصلاة بالواو، ولا تكاد العرب تقول : الغدوة، ومعنى ﴿ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ : أنهم يريدون بدعائهم رضى الله سبحانه، والجملة في محل نصب على الحال، ثم أمره سبحانه بالمراقبة لأحوالهم فقال :﴿ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾ أي : لا تتجاوز عيناك إلى غيرهم.