قال صاحب "الكشاف" : حفوه إذا طافوا به، وحففته بهم أي جعلتهم حافين حوله وهو متعد إلى مفعول واحد فتزيده الباء مفعولاً ثانياً كقوله : غشيته وغشيته به، قال : وهذه الصفة مما يؤثرها الدهاقين في كرومهم وهي أن يجعلوها محفوفة بالأشجار المثمرة، وهو أيضاً حسن في المنظر.
الصفة الثالثة :﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا﴾ والمقصود منه أمور.
أحدها : أن تكون تلك الأرض جامعة للأقوات والفواكه.
وثانيها : أن تكون تلك الأرض متسعة الأطراف متباعدة الأكناف ومع ذلك فإنها لم يتوسطها ما يقطع بعضها عن بعض.
وثالثها : أن مثل هذه الأرض تأتي في كل وقت بمنفعة أخرى وهي ثمرة أخرى فكانت منافعها دارة متواصلة.
الصفة الرابعة : قوله تعالى :﴿كِلْتَا الجنتين أَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمِ مّنْهُ شَيْئًا﴾ كلا اسم مفرد معرفة يؤكد به مذكران معرفتان، وكلتا اسم مفرد يؤكد به مؤنثان معرفتان.
وإذا أضيفا إلى المظهر كانا بالألف في الأحوال الثلاثة كقولك جاءني كلا أخويك، ورأيت كلا أخويك، ومررت بكلا أخويك.
وجاءني كلتا أختيك، ورأيت كلتا أختيك، ومررت بكلتا أختيك، وإذا أضيفا إلى المضمر كانا في الرفع بالألف، وفي الجر والنصب بالياء وبعضهم يقول مع المضمر بالألف في الأحوال الثلاثة أيضاً.
وقوله :﴿أَتَتْ أُكُلَهَا﴾ حمل على اللفظ لأن كلتا لفظه لفظ مفرد ولو قيل أتتا على المعنى لجاز، وقوله :﴿وَلَمْ تَظْلِمِ مّنْهُ شَيْئًا﴾ أي لم تنقص والظلم النقصان، يقول الرجل : ظلمني حقي أي نقصني.
الصفة الخامسة : قوله تعالى :﴿وَفَجَّرْنَا خلالهما نَهَراً﴾ أي كان النهر يجري في داخل تلك الجنتين.
وفي قراءة يعقوب وفجرنا مخففة وفي قراءة الباقين وفجرنا مشددة والتخفيف هو الأصل لأنه نهر واحد والتشديد على المبالغة لأن النهر يمتد فيكون كأنهار و ﴿خلالهما﴾ أي وسطهما وبينهما.
ومنه قوله تعالى :﴿ولأَوْضَعُواْ خلالكم﴾ [ التوبة : ٤٧ ].


الصفحة التالية
Icon