وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين ﴾
الجنة : البستان، فإذا جمع العنب والنخل وكان تحتها زرع فهي أجمل الجنان وأجداها نفعاً، لثمر أعاليها وزرع أسافلها، وهو معنى قوله ﴿ وجعلنا بينهما رزعاً ﴾.
﴿ كلتا الجَنتين آتت أكلُها ﴾ أي ثمرها وزرعها، وسماه أكُلاً لأنه مأكول.
﴿ ولم تظلم منه شيئاً ﴾ أي استكمل جميع ثمارها وزرعها.
﴿ وفجرنا خِلالهما نهراً ﴾ يعني أن فيهما أنهاراً من الماء، فيكون ثمرها وزرعها بدوام الماء فيهما أو في وأروى، وهذه غاية الصفات فيما يجدي ويغل.
وفي ضرب المثل في هاتين الجنتين قولان :
أحدهما : ما حكاه مقاتل بن سليمان أنه إخبار الله تعالى عن أخوين كانا في بني إسرائيل ورثا عن أبيهما مالاً جزيلاً، قال ابن عباس ثمانية آلاف دينار. فأخذ أحدهما حقه وهو مؤمن فتقرب به إلى الله تعالى، وأخذ الآخر حقه منه وهو كافر فتملك به ضياعاً منها هاتان الجنتان، ولم يتقرب إلى الله تعالى بشيء منه، فكان من حاله ما ذكره الله من بعد، فجعله الله تعالى مثلاً لهذه الأمة.
والقول الثاني : أنه مثل ضربه الله تعالى لهذه الأمة، وليس بخبر عن حال متقدمة، ليزهد في الدنيا ويرغب في الآخرة، وجعله زجراً وإنذاراً.
قوله عز وجل :﴿ وكان له ثمرٌ ﴾ قرأ عاصم بفتح الثاء والميم، وقرأ أبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم، وقرأ الباقون ثُمُر بضم الثاء والميم. وفي اختلاف هاتين القراءتين بالضم والفتح قولان :
أحدهما : معناهما واحد، فعلى هذا فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنه الذهب والفضة، قاله قتادة، لأنها أموال مثمرة.
الثاني : أنه المال الكثير من صنوف الأموال، قاله ابن عباس لأن تثميره أكثر
الثالث : أنه الأصل الذي له نماء، قاله ابن زيد، لأن في النماء تثميراً.
والقول الثاني : أن معناهما بالضم وبالفتح مختلف، فعلى هذا في الفرق. بينهما، أربعة أوجه :